ونحوه من الموانع.
وآية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم، فالتضلع منه علامة إيمان، وبراءة من النفاق، وقد تعاين أناسًا يفضلون على زمزم ما يسمونه مياهً صحيَّةً، فليحذر هؤلاء الذين حرموا أنفسهم خيرًا كثيرًا، وليراجعوا إيمانهم بما صح، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن زمزم وفضلها، وقد عانى من أمثال هؤلاء المفسر ابن علان الدمشقي فقال:
وَزَمْزَمُ قَالُوا: فِيهِ بَعْضُ مُلُوحَةٍ وَمِنْهُ مِيَاهُ العَيْنِ أَحْلَى وَأَمْلَحُ
فَقُلْتُ لَهُمْ: قَلْبِي يَرَاهَا مَلاَحَةً فَلاَ بَرِحَتْ تَحْلُو لِقَلْبِي وَتَمْلُحُ
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والذكر والحكمة.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله حَمْدًا كثِيرًا كما أَمَر، والصلاةُ والسلام على سيِّد البَشَر، الشافعِ المشفَّع في المحشَر، وعلى آله وصحابته السادة الغرر، وعلى مَن سار على نَهْجهم واقتفى الأثر.
أما بعدُ:
فزمزم شراب الأبرار، وهو أفضل التُّحَف والقِرَى، ولا بأس من حمله إلى الأماكن البعيدة؛ لفِعْل النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة ذلك، وسقاية الناس ماء زمزم عمل صالح؛ كما وَصَفَه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا رأى بني عبدالمطب يسقون الناس على زَمْزم، فقال لهم: ((اعملوا فإنكم على عَمَل صالح، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم))؛ رواه البخاري، وتقديم المسافرين في السقاية أولى من جيران الحرم، وذلك عند الازْدحام، لضعْف ابن السبيل بالاغتراب، ولا بأس بالوضوء والاغتسال بماء زمزم، وصبِّه على سائر البدن تبرُّكًا به.
وَصَلَّى بِأَرْكَانِ المُقَامِ حَجِيجُنَا وَفِي زَمْزَمٍ مَاءٌ طَهُورٌ وَرَدْنَاهُ
وَفِيهِ الشِّفَا فِيهِ بُلُوغُ مُرَادِنَا لِمَا نَحْنُ نَنْوِيهِ إِذَا مَا شَرِبْنَاهُ
وبعدُ أيها المسلمون:
فهذه زمزم، وهذه بعض مآثرها ومنافعها وفضائلها، فانهلوا منها ما اسْتَطَعْتُم، وأدركوا مِن رحيقها ما تمكَّنْتم، فمذاق زمزم كمذاق الشهد المُصَفَّى، يحلو ويعلو كلما عاد المرء لتذوقه.
شَفَيْتِ يَا زَمْزَمُ دَاءَ السَّقِيمْ فَأَنْتِ أَصْفَى مَا تَعَاطَى الحَكِيمْ
وَكَمْ رَضِيعٍ لَكِ أَشْوَاقُهُ إِلَيْكِ بَعْدَ الشَّيْبِ مِثْلُ الفَطِيمْ
ثم صلوا وسلِّموا على خير البرية، وأزكى البشريَّة.
http://www.alukah.net/articles/1/6916.aspx