تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَفِيهِ نَظَر، لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمِقْدَارِ الَّذِي رُتِّبَ الثَّوَاب عَلَى الْإِتْيَان بِهِ فَحَصَلَ لَهُ الثَّوَاب بِذَلِكَ، فَإِذَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسه كَيْف تَكُون الزِّيَادَة مُزِيلَة لِذَلِكَ الثَّوَاب بَعْد حُصُوله؟ ا ه. وَيُمْكِن أَنْ يَفْتَرِق الْحَال فِيهِ بِالنِّيَّةِ، فَإِنْ نَوَى عِنْد الِانْتِهَاء إِلَيْهِ اِمْتِثَال الْأَمْر الْوَارِد ثُمَّ أَتَى بِالزِّيَادَةِ فَالْأَمْر كَمَا قَالَ شَيْخنَا لَا مَحَالَة، وَإِنْ زَادَ بِغَيْرِ نِيَّة بِأَنْ يَكُون الثَّوَاب رُتِّبَ عَلَى عَشَرَة مَثَلًا فَرَتَّبَهُ هُوَ عَلَى مِائَة فَيَتَّجِه الْقَوْل الْمَاضِي. وَقَدْ بَالَغَ الْقَرَافِيّ فِي الْقَوَاعِد فَقَالَ: مِنْ الْبِدَع الْمَكْرُوهَة الزِّيَادَة فِي الْمَنْدُوبَات الْمَحْدُودَة شَرْعًا، لِأَنَّ شَأْن الْعُظَمَاء إِذَا حَدُّوا شَيْئًا أَنْ يُوقَف عِنْده وَيُعَدّ الْخَارِج عَنْهُ مُسِيئًا لِلْأَدَبِ ا ه. وَقَدْ مَثَّلَهُ بَعْض الْعُلَمَاء بِالدَّوَاءِ يَكُون مَثَلًا فِيهِ أُوقِيَّة سُكَّر فَلَوْ زِيدَ فِيهِ أُوقِيَّة أُخْرَى لَتَخَلَّفَ الِانْتِفَاع بِهِ، فَلَوْ اِقْتَصَرَ عَلَى الْأُوقِيَّة فِي الدَّوَاء ثُمَّ اِسْتَعْمَلَ مِنْ السُّكَّر بَعْد ذَلِكَ مَا شَاءَ لَمْ يَتَخَلَّف الِانْتِفَاع. وَيُؤَيِّد ذَلِكَ أَنَّ الْأَذْكَار الْمُتَغَايِرَة إِذَا وَرَدَ لِكُلٍّ مِنْهَا عَدَد مَخْصُوص مَعَ طَلَب الْإِتْيَان بِجَمِيعِهَا مُتَوَالِيَة لَمْ تَحْسُن الزِّيَادَة عَلَى الْعَدَد الْمَخْصُوص لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَطْع الْمُوَالَاة لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون لِلْمُوَالَاةِ فِي ذَلِكَ حِكْمَة خَاصَّة تَفُوت بِفَوَاتِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ) اهـ ..

قال الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم في (مجموع فتاويه) جوابا على سؤال:

(وبالاطلاع على صكي الوقفية الصادرين من المحكمة الكبرى بمكة برقم 31 في 20/ 1/ 1331 ورقم 128 في 19/ 12/ 1331 المتضمن أولهما أن السيد عبدالله الدباغ أنهى بأن أخاه محمد توفي وكان ناظراً على أوقاف الرباط وقف الشريفة لبابه بنت السلطان إسماعيل الكائنة بمكة بمحلة جياد وكامل الدار الكائنة بمحلة الشامية بخط سويقه، وكامل الدار الكائنة بشعب عامر أوقفهما سلطان المغرب الحسن، وذكر مصرف الوقف وشروطه، إلى آخر ما ذكر.

كما يتضمن ثانيهما وقفية سلطان المغرب سابقاً الشريف عبد الحافظ بن الشريف محمد كامل الدارين المتلاصقتين الكائنتين بمحلة النقا ـ وكامل الدار الكائنة بالحلة من حارة النقا، وكامل الدار الكائنة بشعب عامر، وذكر مصرف الوقف وشروطه، إلى آخر ماذكره.

بالاطلاع عليهما وجدا يحتويان على شروط لم يظهر لنا وجه مشروعيتها؛ بل ظهر وجه مخالفتها للمشروع، تلك الشروط هي تحديد قراءة من الذكر المسمى " اللطيف الكبير " وقد فسر لنا هذا المتبوع من الدعاء بقول: (يا لطيف الطف بنا وبالمسلمين) يتلون ذلك ستة عشر ألفا وستمائة وواحد وأربعين، وتوقيته في كل أسبوع مرة، وتحديد قراءة عدد من الذكر المسمى (اللطيف العدد الأوسط وتأجير واستئجار من يقوم بهذا العمل بجزء من الغلة، ولمن يقرأ القرآن في الشهر مرة حزبا في الصباح وحزبا في المساء من كل يوم، ولمن يقرأ " دلائل الخيرات " في كل أسبوع مرتين، ولمن يقرأ تجاه الكعبة الشريفة متن "البخاري " من السبت إلى الجمعة.

فهذه الأذكار وإن كانت في أصلها شرعية، قال تعالى: (أدعوني أستجب لكم) (1) (قل أدعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) (2) وقال صلى الله عليه وسلم " الدعاء مخ العبادة " (3) " إذا سألت فاسأل الله " (4) إلا أنها بتحديدها وكيفيتها أخرجت الذكر المشروع إلى غير مشروع، فارتفع اعتبار المشروع الأصلي، وصارت هذه الأذكار من أنواع البدع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " كل بدعة ضلالة " (5) فهي بدع إضافية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير