ولو صحَّ طرحُ مثل هذه الفواحش والخبائث على مثل أبي هريرة من أئمة الإسلام
وأعلام الهدى , لأمكنَ الزنادقةَ لَطْخُ أكثرِ العِترة والفقهاء بمثل ذلك ..
قواعد العلم المتفق عليها تقتضي أن لا يُقبل المتعارضان معاً , ولا يصح ذلك ,
وقد تعارض الثناء على أبي هريرة والذم له ,
أما الثناء عليه , فإنه قد دخل في الثناء من الله - عزَّ وجلَّ - على الصحابة ,
وأثنى عليه غيرُ واحدٍ من السلف والخلف .. وكذلك مَنِ احتجَّ بحديثه من أهل البيت والفقهاء
كما يَعْرِفُ ذلك مَنْ طالعَ فِقْهَهُم وأدلَّتَهم فيها ..
وأما المعارضُ لهذا , فجاء مقطوعاً كولد الزنى
الذي لا يُعْرَفُ له أبٌ من طريقٍ غيرِ وافيةٍ بشروطِ الصحة
فلا بدَّ على الإنصاف منْ معرفةِ رواة جرحِ أبي هريرة ,
والموازنة بين كل واحد منهم وبين أبي هريرة ,
فإن كان فيهم واحدٌ دونَ أبي هريرة في فضلِه ونُبلِه , لم يُصَدَّقْ على مَنْ هو خيرٌ منه ,
وإلا لَزِمَ فيه ترجيحُ المرجوحِ على الراجحِ ,
وهو خلافُ المعقولِ والمنقولِ.
فَقِس القدحَ في الأكابر على هذا .....
حديثُ أبي هريرة متلقى بالقبول بين فِرَقِ الأمة
أما الفقهاء وأهل الحديث , فمعلومٌ ذلك عنهم ضرورة
وكذلك التابعون , فإن الرواةَ عنه منهم بلغوا ثماني مئة ,
ولَم تُنْكَرْ عليهم الروايةُ عنه مع هذه الشهرة العظيمة.
لا يعلم أنه تفرَّدَ بشيء منكر , وصحَّ عنه
[وهناك] إجماع على عمل الأمة بروايته لحديث النهي
عن الجمع بين المرأة وعمَّتِها , والمرأة وخالتِها ,
وأن الأمة ما اعتمدت إلا عليه مع أنه تخصيصٌ لقوله تعالى:
(وأُحلَّ لكم ما وراءِ ذلكم) سورة النساء 24
وعلى الجملة , فروايةُ التابعين لحديثِه , واحتجاجُهم به من غيرِ نكير ٍ
معلومٌ لأهل العلم بالأخبار بالضرورة ,
والتابعون مِن خيرِ القرون بالنصوصِ النبوية , والأخبارِ بصلاحهم المتواترة الضرورية
ويزيل عنا الشكَّ والارتياب ...
أما الزنادقة ,
فتراهم - إذا ذكروا أحداً من أئمة الإسلام الذين تملأ محاسنَهم الدواوينُ وتملّ حسناتِهم الكاتبون -
لم يذكروا له إلا ما لم يَصِحَّ من المساوئ , والمثالب , والفواحش المفتراة , والمعايبِ.
وليس العَجَبُ مِمَّنْ يقدحُ في الأكابر مِنْ هؤُلاء الأسافل ,
وإنما العَجَبُ مِن بلادةِ مَن يَسْبِقُ إلى عقلِه صِدْقُ أخسِّ الناس
ومَن خيرُ أحوالِه أن يكون مجهولاً في ذمِّ خيرِ الناسِ بنصِّ الكتاب الله تعالى
وشهادةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ,
ومَنْ أدنى أحوالِه أن يكونَ على من جرحه من الأراذل مقدماً مقبولاً ...
فلو قُبِلَ كلُّ قَدْحٍ من غيرِ تثبُّتٍ ,
لبلغ الشيطانُ وجنودُه أغراضَهم في أهل المراتب الرفيعة
من العلماء والصالحين وحَمَلَةِ العلم ونَقَلَةِ الآثار ...
وينبغي من كل مسلمٍ صحيحِ الإسلامِ أن يعتبر عن سماع هذه الأكاذيب
أن ينظر لو يُفترى عليه مثل ذلك , وهو بريء ,
كيف يكون ذلك العدوان عنده , فيحذر من مثله ...
كيف يُصَحَّحُ في القدح في أبي هريرة حديثٌ ,
يدورُ على رواةٍ , أوثَقُهُم دُونَ أبي هريرة في الشهرةِ بالإيمان والإمامة والإسلام والديانة؟!
وهذا دأبُ المبتدعة , ينقلون القدحَ في الأخبار ورواتها عمن لا يُوثَقُ به ,
ويقدحون في الآحاد الصِّحاحِ بالآحادِ البواطلِ , كناقشِ الشوكة بالشوكةِ
وكيف يقوم الظلُّ , والعودُ أعوجُ؟!).
ومَن أراد معرفة هذا الصاحب , فليطالع سيرتَه في كتاب سِيَرِ النُّبَلاء 2/ 578 - 632
ـ[جلاء الأفهام]ــــــــ[28 - 02 - 03, 01:25 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبا سمية على إيرادك هذه الفائدة القيمة.
وصواب اسم كتاب الإمام المجدد ابن الوزير (العواصم و القواصم). وقد حقق مختصره (الروض الباسم) الشيخ علي العمران.
وقد يسر الله لي ختم قراءته مع بعض المشايخ ولله الحمد , وفيه من الفوائد والتحقيقات والتحريرات؛ ما يضرب لأجل تحصيلها أعناق الإبل. فرحمه الله رحمه واسعة.
ـ[أبو سمية]ــــــــ[28 - 02 - 03, 06:11 م]ـ
بارك الله فيك ..
وأشكرك على تصحيح الاسم , فقد أخطأت وكتبت اسم كتاب ابن العربي
ولو أنك تكتب لنا هذه الفوائد في صفحة مستقلة
كنت لك من الشاكرين
ـ[ابن وهب]ــــــــ[28 - 02 - 03, 06:18 م]ـ
جزاك الله خيرا
افضل كتاب فيالدفاع عن الصحابي الجليل ابي هريرة رضي الله عنه وهو ما كتبه الدكتور عبدالمنعم صالح العزي
(دفاع عن ابي هريرة / عبدالمنعم صالح العلي العزي.
ط2
1401هـ، 1981م
515 ص؛
ن1 ع ك
ن2 ع ك الموقع: مكتبة الملك فهد الوطنية المجموعة: مجموعات عامة رقم الاستدعاء: 231.901 576 ظ ×2 حالة الوعاء: متاح
)
ـ[أبو سمية]ــــــــ[28 - 02 - 03, 06:44 م]ـ
بارك الله فيك
لو وضعت رابطاً إن كان على شبكة النت لتحميله ..
أشكرك
ـ[أبو سمية]ــــــــ[01 - 03 - 03, 09:30 م]ـ
للرفع