حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا
بهم ذرياتهم) يقول: من أدرك ذريته الإيمان، فعملوا بطاعتي ألحقتهم بآبائهم في الجنة، وأولادهم الصغار أيضا على ذلك.
وقال آخرون نحو هذا القول، غير أنهم جعلوا الهاء والميم في قوله: (ألحقنا بهم) من ذكر الذرية، والهاء والميم في قوله: ذريتهم الثانية من ذكر الذين. وقالوا: معنى الكلام: والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم الصغار، وما ألتنا الكبار من عملهم من شيء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم) قال: أدرك أبناؤهم الأعمال التي عملوا، فاتبعوهم عليها واتبعتهم ذرياتهم التي لم يدركوا الأعمال، فقال الله جل ثناؤه (وما ألتناهم من عملهم من شيء) قال: يقول: لم نظلمهم من عملهم من شيء فننقصهم، فنعطيه ذرياتهم الذين ألحقناهم بهم، الذين لم يبلغوا الأعمال ألحقتهم بالذين قد بلغوا الأعمال.
وقال آخرون: بل معنى ذلك (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم) فأدخلناهم الجنة بعمل آبائهم، وما ألتنا الآباء من عملهم من شيء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت داود يحدث عن عامر، أنه قال في هذه الآية (والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء) فأدخل الله الذرية بعمل الآباء الجنة، ولم ينقص الله الآباء من عملهم شيئا، قال: فهو قوله: (وما ألتناهم من عملهم من شيء).
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن سعيد بن جبير
أنه قال في قول الله: (ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء) قال: ألحق الله ذرياتهم بآبائهم، ولم ينقص الآباء من أعمالهم، فيرده على أبنائهم.
وقال آخرون: إنما عنى بقوله: " ألحقنا بهم ذريتهم ": أعطيناهم من الثواب ما أعطينا الآباء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن قيس بن مسلم، قال: سمعت إبراهيم في قوله: (وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم) قال: أعطوا مثل أجور آبائهم، ولم ينقص من أجورهم شيئا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن قيس بن مسلم، عن إبراهيم (وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم) قال: أعطوا مثل أجورهم، ولم ينقص من أجورهم.
قال: ثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع (وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان) يقول: أعطيناهم من الثواب ما أعطيناهم (وما ألتناهم من عملهم من شيء) يقول: ما نقصنا آباءهم شيئا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتاده، قوله: (والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم) كذلك قالها يزيد (ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم) قال: عملوا بطاعة الله فألحقهم الله بآبائهم.
وأولى هذه الأقوال بالصواب وأشبهها بما دل عليه ظاهر التنزيل، القول الذي ذكرنا عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وهو: والذين آمنوا بالله ورسوله، وأتبعناهم ذرياتهم الذين أدركوا الإيمان بإيمان، وآمنوا بالله ورسوله، ألحقنا بالذين آمنوا ذريتهم الذين أدركوا الإيمان فآمنوا، في الجنة فجعلناهم معهم في درجاتهم، وإن قصرت أعمالهم عن أعمالهم تكرمة منا لآبائهم، وما ألتناهم
من أجور عملهم شيئا.
وإنما قلت: ذلك أولى التأويلات به، لأن ذلك الأغلب من معانيه، وإن كان للأقوال الأخر وجوه.
واختلفت القراء في قراءة قوله: (وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم) فقرأ ذلك عامه قراء المدينة (واتبعتهم ذريتهم) على التوحيد بإيمان (ألحقنا بهم ذرياتهم) على الجمع، وقرأته قراء الكوفة (واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم) كلتيهما بإفراد. وقرأ بعض قراء البصرة وهو أبو عمرو (وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم).
والصواب من القول في ذلك أن جميع ذلك قراءات معروفات مستفيضات في قراءة الأمصار، متقاربات المعاني، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب
¥