شتان بين الدعوة لإقامة صلاة قيام جماعة نصرة لكذا، وبين صلاة قيام الليل جماعة في غير رمضان، فالثانية فيها خلاف بين أهل العلم، وأما الأولى فبدعة.
السؤال:
هل يجوز لنا إذا كنا جماعة أن نصوم صوم صوما جماعيا، مثلا يوم الإثنين نأتي ونقول نصوم هذا اليوم جماعة؟
أرجو منك الإجابة مأجورين.
الجواب:
(ليس من عادة السلف أن يتفقوا علي فعل عبادة معينة، فيقولوا مثلاً سنجعل يوما نصوم فيه جميعا: إما يوم الإثنين أو يوم الخميس،
أو وقتا نصلي فيه جميعا أو ما أشبه ذلك، ويُخشى من هذا العمل وهو الاتفاق على أن نصوم اليوم جميعا وما أشبه ذلك، ونجعل ذلك عادة، يخشى أن يترتب من هذا عبادات أخرى يتفق عليها هؤلاء، وهي مما ينهي عن الاتفاق فيه.
أما لو كان هذا غير معتاد عندهم، وأنهم يقولون مثلا:
من صام غدا يعني يوم الإثنين أو يوم الخميس فإننا سنفطر عند فلان أو فلان، أو إننا سنفطر في البر فهذا لا بأس به.
وأما اتخاذ ذلك سنة راتبة يحافظون عليه ويجتمعون عليه فإني أخشى أن يكون هذا من البدعة) اهـ.
العلامة العثيمين. (نور على الدرب).شريط (251).
السؤال:
ما حكم الصيام الجماعي، كأن يجتمع جماعة من الناس فيتفقون على أن يصوموا أياماً معينة، كالإثنين والخميس، وذلك من باب التعاون على البر والتقوى؛ لأن الإنسان ضعيف بنفسه يقوى بإخوانه، ما حكم ذلك نفع الله بكم؟
الجواب:
(أرى أنه ليس من السنة، وأنه نوع من البدعة إذا اتفقوا على ذلك؛ لأننا إذا كنا ننكر التكبير الجماعي أو الذكر الجماعي -مثلاً- فهذا أيضاً كذلك؛ لأن الصوم عبادة، فلا ينبغي أن يكون جماعياً، لكن من غير اتفاق لا بأس، مثل أن يوافق أننا صمنا يوم الإثنين فقال بعضنا لبعض: من كان صائماً فالفطور عند فلان، واتفقنا أن نفطر عنده -مثلاً- هذا لا بأس به؛ لأنه أمر عارض وليس اجتماعاً على عبادة، والاجتماع على العبادات والانفراد بها من الأمور المشروعة، ولهذا لولا أن الله شرع لنا أن نصلي جماعة لكانت صلاة الجماعة بدعة لكن شرعها الله لنا، كذلك الصوم جماعة، والاتفاق عليه مسبقاً نوع من البدعة، يرد علينا صوم رمضان، ألسنا نصوم جماعة؟ بلى.
ولكنه هكذا فُرِضَ، المفروض أن يصوم الناس كلهم في هذا الشهر. فأرى أن يتخلوا عن هذا الطريق، وأن يكون الإنسان مستعيناً بالله عز وجل، وأن يعتد بنفسه، وإذا كان الإنسان لا يفعل العبادة إلا متوكئاً على عصا - أي إلا إذا فعلها غيره- فإن عزيمته ضعيفة) اهـ.
(اللقاء الشهري) العلامة العثيمين.
السؤال:
اعتدنا أنا وبعض زملائي في هذه المدينة " لاهو " أن نصلي أسبوعيًا قيام ليل وهي عبارة عن أربع ركعات وأربع ركعات شفعات وثلاث ركعات وترًا نصليها جماعة في كل أسبوع، وفي كل أسبوع يؤم أحدنا، حتى قبل أسبوع دعوت إمام مسجدنا - وبالطبع هو باكستاني - أن يحضر تلك المرة معنا ويقوم الليل معنا - وبالطبع يكون هو الإمام - فأجابني بقول إن هذا عمل منكر وهذه بدعة وهي مكروهة كراهة تحريم؛ لأنها نافلة والأصل فيها الانفراد وليس الجماعة، فلم أستطع الرد عليه، لكنني قلت له ربما هذه في مذهبك - أي المذهب الحنفي - وقد يكون هناك خلاف بين الثلاثة مذاهب الأخرى؟ فقال لي لا؛ المذاهب الأربعة كلها متفقة على أن الأصل فيها الانفراد ولا تصلى جماعة، فنرجو منكم أن تفتونا هل يجب أن نصليها جماعة إطلاقًا مهما كان العذر؟ أو أنه ليس هناك شيء في الأمر إذا صليناها جماعة بنية التربية والتدريب والتعود على أن نصرف ذلك الوقت في طاعة الله، وهل هي بدعة منكرة كما قال الشيخ الباكستاني؟ نرجو منكم تفصيل ذلك؟ وما تلك التي قرأناها عن بعض الصحابة كابن عباس عندما كان يأتي ويصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليل؟
الجواب:
(ما قال هذا الإمام هو الصحيح وهو الصواب وأن ما فعلتموه بدعة؛ لأن التزام عدد معين من صلاة الليل بدعة؛ لأنه لم يرد تحديد في هذا بل يصلي المسلم ما تيسر له بدون تقيد بعدد محدد، وأيضًا التزام الجماعة لها بدعة أخرى؛ لأن التزام الجماعة للنافلة لم يرد به دليل وإنما تشرع الجماعة في النافلة في أشياء مخصوصة مثل صلاة الكسوف ومثل صلاة التراويح، وأما ما عدا ذلك فإن النافلة لا تصلى جماعة بصفة مستمرة وإنما تصلى فرادى كلٌّ يصلي لنفسه، وصلاتها في البيت أفضل، أما صلاتها جماعة بغير صفة مستمرة فلا مانع من ذلك وهو الذي يحمل عليه حديث ابن عباس الذي ذكرته حينما قام النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل فقام ابن عباس وصلى معه وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وحينما صلى حذيفة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من آخر الليل، فصلاتها جماعة بدون التزام وبدون اعتياد ذلك لا حرج فيه، أما ما ذكرت من أنك أنت وزملاؤك التزمتم أن تصلوا في ليالي معينة عددًا من الركعات جماعة فهذا كله من البدع التي ليس لها أصل في الشرع، وما ذكره لكم هذا الإمام هو عين الصواب، فعليكم أن تتركوا هذا الاعتياد وأن يصلي كل منكم من الليل ما تيسر ويختم ذلك بالوتر، وكون ذلك في البيوت أفضل منه في المساجد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن خير صلاة المرء في بيته إلا صلاة المكتوبة» [رواه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه وللحديث قصة]) اهـ.
العلامة الفوزان. رقم الفتوى (1611).
¥