تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

صحيحاً، لكن لا سلاح مادي عندهم؛ هؤلاء يأتيهم أمره تعالى في الآية المعروفة: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوةً، ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} [17] لو كان عندنا السلاح الأول المعنوي؛ فنحن مخاطبون بهذا الإعداد المادي. فهل نحارب إذا لم يكن عندنا إعداد مادي؟! الجواب: لا. لأننا لم نحقق هذه الآية التي تأمرنا بالإعداد المادي؛ فما بالنا، كيف نستطيع أن نحارب ونحن مفلسون من السلاحين المعنوي والمادي؟!. المادي الآن لا نستطيعه، المعنوي نستطيعه؛ إذاً {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} [18]. {فاتقوا لله ما استطعتم} [19] فالذي نستطيعه الآن هو العلم النافع والعمل الصالح.

لعلي أطلت في هذا الجواب أكثر من اللازم، لكني أنا ألخص الآن فأقول:

ليست مشكلة المسلمين في فلسطين فقط - يا إخواننا-، لأنه مع الأسف الشديد من جملة الانحراف التي تصيب المسلمين اليوم؛ أنهم يخالفون علمهم عملاً! حينما نتكلم عن الإسلام وعن الوطن الإسلامي، نقول: كل البلاد الإسلامية هي وطن لكل مسلم؛ ما في فرق بين عربي وعجمي، ما في فرق بين حجازي وأردني ومصري 00000 و إلى آخره، لكن هذه الفروق العملية موجودة، هذه الفروق عمليه موجودة! ليس فقط سياسياً؛ هذا غير مستغرب أبداً، لكن موجودة حتى عند الإسلاميين! مثلاً تجد بعض الدعاة الإسلاميين يهتمون بفلسطين؛ ثم لا يهمهم ما يصيب المسلمين الآخرين في البلاد الأخرى. مثلاً: حينما كانت الحرب قائمة بين المسلمين الأفغان وبين السوفييت وأذنابهم من الشيوعيين، لماذا؟! لأن هؤلاء مثلاً ليسوا سوريين! مصرين! أو ما شابه ذلك. إذاً المشكلة الآن ليست محصورة في فلسطين فقط؛ بل تعدت إلى بلاد إسلامية كثيرة فكيف نعالج هذه المشكلة العامة؟ بالقوتين المعنوية والمادية، بماذا نبدأ؟

نبدأ قبل كل شيء بالأهم فالأهم وبخاصة إذا كان الأهم ميسوراً؛ وهو السلاح المعنوي – فهم الإسلام فهماً صحيحاً وتطبيقه تطبيقاً صحيحاً ثم السلاح المادي إذا كان ميسوراً. اليوم - مع الأسف الشديد –؛ الذي وقع في أفغانستان .... الأسلحة التي حارب المسلمون – الأسلحة المادية – التي حارب المسلمون بها الشيوعيين هل كانت أسلحة إسلامية؟ الجواب: لا.

كانت أسلحة غربية، إذا نحن الآن من ناحية السلاح المادي مستعبدون؛ لو أردنا أن نحارب وكنا أقوياء من حيث القوة المعنوية، إذا أردنا أن نحارب بالسلاح المادي فنحن بحاجة إلى أن نستورد هذا السلاح؛ إما بالثمن وإما بالمنحة أو شيء مقابل شيء! كما تعلمون السياسة الغربية اليوم على حدّ المثل العامّي: "حكّلّي لحكّلّك"! يعني أي دوله الآن حتى بالثمن لا تبيعك السلاح إلا مقابل تنازلات. تتنازل أنت أيها الشعب المسلم مقابل السلاح الذي تدفع ثمنه أيضاً فإذاً يا إخواننا الأمر ليس كما نتصور عبارة عن حماسات وحرارات الشباب وثورات كرغوة الصابون تثور ثم تخور في أرضها لا أثر لها إطلاقاً!. أخيراً أٌقول {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله .. } إلى آخر الآية.

لكن أكرر أن العمل لا ينفع إلا إذا كان مقروناً بالعلم النافع؛ والعلم النافع إنما هو قال الله قال رسول الله كما قال إبن القيم رحمه الله:

العلم قال الله قال رسولهُ ... قال الصحابةُ ليس بالتمويهِ

ما العلمُ نصبَكَ للخلاف سفاهةً ... بين الرسولِ وبين قولِ سفيهِ

كلا ولا جحد الصفات ونفيها ... حذرا من التعطيل التشويهِ

مصيبة العالم الإسلامي مصيبة أخطر – وقد يستنكر بعضكم هذا الذي أقوله! -مصيبة العالم الإسلامي اليوم أخطر من احتلال اليهود لفلسطين! مصيبة العالم الإسلامي اليوم أنهم ضلوا سواء السبيل. أنهم ما عرفوا الإسلام الذي به تتحقق سعادة الدنيا والآخرة معاً. وإذا عاش المسلمون في بعض الظروف أذلاء مضطهدين من الكفار والمشركين وقتّلوا وصلّبوا ثم ماتوا فلا شك أنهم ماتوا سعداء ولو عاشوا في الدنيا أذلاء مضطهدين. أما من عاش عزيزاً في الدنيا وهو بعيد عن فهم الإسلام كما أراد الله عز وجل ورسوله فهو سيموت شقياً وإن عاش سعيداً في الظاهر.

إذاً بارك الله فيكم: العلاج هو فرّوا الى الله! العلاج فرّوا الى الله! فرّوا الى الله تعني أفهموا ما قال الله وقال رسول الله واعملوا بما قال الله وما قال رسول الله. وبهذا أنهي هذا الجواب.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.

[1] الآية رقم 1 - 3 من سورة الروم.

[2] الآية رقم 7 من سورة محمد.

[3] الآية رقم 3 من سورة الصف.

[4] الآيات رقم 1–7 من سورة المؤمنون.

[5] الآية رقم 4 وكذا رقم 74 كلتاهما من سورة الأنفال.

[6] في الأصل: بتكلم باللهجة العامية حسب عادة الشيخ أحياناً في الفتاوى والمحاضرات وما أثبتناه هو المعهود لغةً.

[7] أخرجه أبو داود في سننه رقم 3462 وأحمد في مسنده رقم 5007، 5562 و الطبراني في مسند الشاميين رقم 2417 وغيرهم كلهم من حديث ابن عمر مرفوعاً.

[8] أخرجه أحمد في مسنده رقم 22007، 22008 والدارقطني في سننه 3/ 16 وغيرهما عن عبد الله بن حنظلة.

[9] باللهجة السورية العامية.

[10] مثل عامي شُهِر في بعض بلاد الشام.

[11] الآية رقم 5 من سورة الروم.

[12] الآية رقم 105 من سورة التوبة.

[13] الآية رقم 32 من سورة الروم.

[14] في الأصل بالياء والصحيح ما أثبتناه لكونه نائباً عن الفاعل.

[15] سورة العصر.

[16] الآية رقم 19 من سورة محمد.

[17] الآية رقم 60 من سورة الأنفال.

[18] الآية رقم 286 سورة البقرة.

[19] الآية رقم 16سورة التغابن

رحمه الله تعالى ورفع درجته آمين

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير