للمسلمين. والسؤال هنا: كيف يمكن للمسلم أن يمارس هذا الدور المؤثر لصالح
المسلمين في هذا العصر الذي أصبحت المناصرة الجهادية باليد والمال محظورة،
وباللسان ممنوعة في معظم الأقطار؟!
إن الفرد المسلم الواعي قادر على ممارسة دوره الجهادي إذا استشعر
المسؤولية تجاه أمته، وعزم على أن يُمارس دوره الفردي مجرداً من كل أنواع
القدرة على المجابهة، وإن أول خطوة لممارسة هذا الدور تتمثل في معرفة أعداء
الأمة الذين يحملون الحقد والضغينة على المسلمين وعلى الإسلام، إن هذه المعرفة
وتعمقها في نفس الفرد تمثل الخطوة الأولى في المجابهة، ولهذا نجد أن من ركائز
الإيمان الولاء والبراء، ومن رحمة الله بالمسلمين أنه لم يدع أمر اكتشاف أعدائهم
لقدراتهم، ولكنه سبحانه أوضح أولئك الأعداء بجلاء ووضوح لا لبس فيهما، فقد
أشار القرآن الكريم إلى ذلك بصريح العبارة في قوله تعالى: ? لتجدن أشد الناس
عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ? [4]، وقوله تعالى: ? ولن ترضى عنك
اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ? [5]، وقوله تعالى: ? ود كثير من أهل
الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراْ ? [6]، فاليهود وأنصارهم من النصارى
الذين تتركز قوتهم المعاصرة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا ودول أوروبا في
الغالب، هم الأعداء الذين حذر الرسول منهم، والذين ينبغي على كل فرد مسلم أن
يَحذرهم على أساس أنهم أعداء لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، إن التاريخ القديم
والمعاصر أكبر شاهد على ذلك، بل إن المصائب المعاصرة التي حلت بالمسلمين
من احتلال لأراضيهم، وانتهاك لحرماتهم ونهب لخيراتهم، ومساندة لأعدائهم من
اليهود والوثنيين من الهندوس والسيخ، والسعي بكل جهد على إيجاد الظروف
السياسية والاقتصادية المعيقة لانعتاق بلاد المسلمين من قبضتهم من خلال التمكين
للمنافقين والمرتدين من العلمانيين والمستغربين والانتهازيين بتسلم زمام الأمور في
البلاد الإسلامية، والعمل على القضاء على أي توجه شعبي للعودة إلى منابع القوة
للأمة الإسلامية من خلال محاربة القيادات السياسية والفكرية ذات التوجه الإسلامي، التي تطالب بأن يكون شرع الله هو الحاكم والموجه لشؤون الحياة لاشك أن لهم
دوراً فيه.
إن هذا الواقع السيىء للأمة أدى إلى بروز ظاهرة الانهزام والشعور بالعجز
عن مقاومة الهجمة الصليبية اليهودية والوثنية من الهندوس وغيرهم.
إن الفرد المسلم يستطيع لو تم إنماء الوعي الإيماني لديه أن يمارس دوراً
فاعلاً ومؤثراً لصالح المسلمين من خلال الجهاد الاقتصادي والجهاد العقدي والثقافي
بتحصين الأمة من خطر الغزو الثقافي الذي يمثل الخطر الأكبر على جهاز المناعة
لدى الأمة.
من مظاهر الجهاد الفردي:
يستطيع الفرد المسلم ممارسة الجهاد الفردي في زمن الانهزام من خلال
ممارسة دوره الاقتصادي، وتنمية الوعي الثقافي لأفراد الأمة الآخرين من خلال
موقعه مستهلكاً للسلع، وموجهاً لأسرته وممارساً لحقه الطبيعي في إبداء التعبير
وإزالة المنكر والأمر بالمعروف من خلال أداء واجب الكلمة في محيطه الاجتماعي
وتتمثل الوسائل التي يمكن للفرد أن يمارس دوره الجهادي في محاربة أعداء الأمة
من خلال موقعه في المجتمع في عدة أمور يمكن تلخيصها في الآتي:
الأمر الأول: المقاطعة الاقتصادية بالامتناع عن شراء السلع سواء أكان
الشراء للاستهلاك أو الاقتناء، والتي تنتج وتُصَدّر إلى بلاد المسلمين من الدول
الغربية بعامة والعدو الصهيوني بخاصة، والاستعاضة عنها بشراء السلع المنتجة
في البلاد الإسلامية، فهذه المقاطعة الفردية لا تكلف الفرد المسلم أي جهد ما عدا
تغيير نمط الاستهلاك، وإحلال سلع منتجة ومصنعة في البلاد الإسلاميةمحل السلع
المنتجة في بلاد أعداء الإسلام، وبهذه المقاطعة يتحقق أمران الأول: تشجيع
منتجات البلاد الإسلامية وتقوية اقتصادياتها، والثاني: محاربة العدو اقتصادياً
بالامتناع عن شراء السلع المنتجة في تلك البلاد ومحاربة كل تاجر مسلم يستورد
السلع الاستهلاكية من بلاد أعداء المسلمين وعلى كل فرد رفع شعار» قاطعوا
الأعداء «بالامتناع عن شراء أي سلعة منتجة وموردة من بلاد النصارى،
وبالأخص الدول التي تتولى قيادة دول النصارى في عصرنا الحالي وتفضيل الدول
¥