تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأيضاً يحصحص الله الحق، ويخرج ما في النفوس من الخبايا المستورة، قال الحسن رحمه الله: الناس ما داموا في عافية مستورون، فإذا نزل بهم البلاء صاروا إلى حقائقهم، فصار المؤمن إلى إيمانه، وصار المنافق إلى نفاقه، المنافق يقول: لو كان هذا الدين حق، ولو كان أصحابه على حق لانتصروا، وأهل الشك والريب يقولون: لماذا يفعل الله بعباده هكذا؟! لماذا لا يأخذ هؤلاء الآن أخذةً واحدة؟! لماذا لا ينصر هؤلاء الآن نصراً مؤزراً!؟ هذه بيد الله لا بأيدينا، يفعل الله ما يشاء متى شاء سبحانه وتعالى، {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (23) سورة الأنبياء، وهو عز وجل يداول الأيام بين الناس، يحيي ويميت، وهو سبحانه وتعالى الواحد القهار، وهو عز وجل يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل، يعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير.

وهكذا تعرى كثيرٌ من المنافقين بعضهم يلومون أهل الإسلام، وبعضهم يتوعدون أهل الحق، وبعضهم يقولون بعزة أولمرت إنا لنحن الغالبون، كما قال جنود فرعون، والسحرة في ذلك الموقف: بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون.

فقام المنافقون أهل الكفر والريب المندسون الذي يموهون ويخدعون بالتشفي مما أصاب المسلمين في غزة، هذا كشفٌ عظيم، ومن حكمة الله البالغة أن يحدث، {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} (179) سورة آل عمران، هذا الخبيث لا بد أن يتكشف، هذه المواقف لا بد أن تنجلي، هذه الشخصيات لا بد أن تتعرى، ولذلك كانت الأحداث، وأيضاً يتمنون ظهور اليهود وغلبتهم ليسلموهم الأمر؛ لأنهم أعوانهم، وهكذا ظهر اليهود ويهود العرب معهم.

أيضاً قال سبحانه وتعالى: {وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء} (140) سورة آل عمران، الناس كلهم يموتون، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (35) سورة الأنبياء، لكن ليس كلهم ينال مقام الشهادة، مقام الشهادة عزيز، ومن رحمة الله بهذه الأمة أن جعل للشهادة أبواباً متعددة، وليس فقط الذي يقتل في المعركة ضد العدو، قال عليه الصلاة والسلام: ((من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد)) رواه الترمذي وهو حديث صحيح، وفي رواية صحيحة أيضاً: ((والذي يموت تحت الهدم شهيد)) وقد مات كثيرون اليوم من إخواننا وأخواتنا وأطفالنا والرضع من هذه الأمة تحت الدمار وتحت هذه الأنقاض، يعني تحت الهدم نرجو لهم الشهادة وأجرها ومنزلتها عند رب العالمين، والله هو الكريم سبحانه وتعالى، لا يخيب من ذهب إليه راجياً وجهه.

وذهب نزار ريان وزوجاته وأطفاله، ثلاثة عشرة من العائلة في هذا القصف أيضاً، ذلك الرجل من أهل الحديث الذي درس السنة النبوية، وتمسك بها في مظهره، تراها في هذه اللحية المعفاة، وهذه العقيدة عقيدة السلف التي تبناها، ولذلك نرجو من جميع أهل فلسطين أن يجعلوا من مثل هذا الرجل نبراساً لهم في التمسك بسنة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً، ومحبة عقيدة السلف، وعدم التقرب من أصحاب العقائد الكفرية والزائغة، وكذلك اتباع سنن الفطرة بما فيها إعفاء اللحية، فإن الذي يموت على سنة محمد بن عبد الله هو السعيد والله، ونرجو أن يكون هذا الرجل وأهله من هؤلاء.

{وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} (141) سورة آل عمران، هذه من الحكم الإلهية، كيف يمحقهم سبحانه؟ بعدما يظهر طغيانهم، كيف يمحقهم عز وجل؟ بعدما يقترفون الجرائم، كيف يمحقهم سبحانه؟ بعدما يستحقون المحق والإهلاك بالإفساد الذي يقومون به، ويتوالى إفساد اليهود، ويظهر طغيانهم، ولذلك لا بد لهم من المحق؛ لأن سنة الله لا تتخلف، لكن نحن لا نقول متى، ولماذا لم تأت إلى الآن! وتأخر الإهلاك! لأن هذا بيد الله مولانا نعم المولى ونعم النصير، يأتي به متى يشاء سبحانه، اللهم عجل فرج المسلمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير