ارتبطت المحاضر بتاريخ (الشناقطة) ودورهم الريادي في نشر الإسلام والثقافة العربية في أصقاع الصحراء ومجاهل إفريقيا السوداء بعد الفتح الإسلامي لشمال القارة في القرن الهجري الأول، على يد (عقبة بن نافع) مؤسس القيروان التونسية.
محمد كريشان:
طبيعة المنطقة منطقة صحراوية، المحاضر عموما تكون في خيام وهل هي متنقلة أم ثابتة أم ربما كانت متنقلة ثم ثبتت؟
الشيخ محمد سالم:
الموجود في البلاد هنا أكثرها كان صحراوي، فيها مدن قديمة، مثل (شنقيط) (ودان) و (لاتا) (تيشيت) (آزار) (نعمة) .. هذه مدن قديمة ومحاضرها ثابتة، وفيها البيوت والمنازل والدور، هذه الدور يسكنها طلبة العلم، أكثرهم مغتربون يقوم عليهم الشيخ ويعلمهم بالمجان ..
محمد كريشان:
عفوا يعني يحتضنهم في بيته ويرعاهم وينفق عليهم؟
الشيخ محمد سالم:
نعم.
محمد كريشان:
أكثرهم مغتربون يعني من أي البلاد؟
الشيخ محمد سالم:
من مختلف جهات البلد هنا، ومن البلاد الأخرى، وفي البادية، البادية تعتمد على ما نسميه (الحلة) البيوت الكثيرة المجتمعة، وتنتقل في طلب الكلأ والماء، في البادية يكون هناك مخيم للتلاميذ، يكون هناك شبه استقرار، فهم يبنون عرشا من الثمام، وأغصان الشجر لأنفسهم، لعله يكون هناك استقرار، أو غير التاريخ الذي حصل فيه جفاف وفتك بالبيئة والطبيعة أصبحت خياما، الشيخ نفسه، أسرته، نساؤه تعملن خيام من القماش، ويشرفن على سكن التلاميذ، من الغطاء وغيره، وهؤلاء التلاميذ من مختلف الجنسيات ومختلف الجهات، نحن الآن عندنا من أمريكا ومن فرنسا ومن البلدان الإسلامية المختلفة.
محمد كريشان:
الآن؟
الشيخ محمد سالم:
الآن، عندنا الآن في البادية تلميذ من الولايات المتحدة الأمريكية، قلت له عندما أصبح لأول مرة بالبادية قلت له: الآن تفقد ناطحات السحاب.
محمد كريشان:
هو أمريكي مسلم؟
الشيخ محمد سالم:
أمريكي مسلم، ولكن أبواه لا يزالان على الكفر، قلت له: الآن تفقد ما عهدت في أمريكا من ناطحات سحاب ووسائل العيش الحضارية، قال لي: فيه علم، وفيه هواء، وفيه هدوء، هذه هي الرغبة، قال لي: فيه علم، وفيه هواء، وفيه هدوء، يأتي إلى هذه المحاضر الأوروبي، العنصر عنصر أوروبي، وديانة إسلامية، ويأتي إليها المهاجر من أصل عربي وجنسيته أوروبية، تارة يكون جزائريا أو مغربيا يحمل الجنسية الفرنسية، وتارة يكون هنديا أو باكستانيا أو كشميريا يحمل الجنسية الإنجليزية، وتارة يكون من عنصر إيطالي يسكن في بريطانيا، كان هنا (زوج) الرجل إيطالي والمرأة أسبانية، وهما مسلمان، ويعيشان في بريطانيا.
محمد كريشان:
ولكن الطريف .. ربما هؤلاء كان بإمكانهم التوجه للاطلاع على اللغة العربية والفقه في أماكن أخرى ربما أكثر قربا مما تعودوا عليه، كان بإمكانهم التوجه إلى الكلية الزيتونية في تونس أو إلى الأزهر أو إلى غيره، لماذا اختاروا هذا التعليم في جو بدوي وصحراوي؟ وربما يفتقر إلى الكثير مما تعودوا عليه الآن؟
الشيخ محمد سالم:
هذا السؤال طرحته على واحد إيطالي، ولا يزال أبوه على قيد الحياة وهو نصراني، هو مسلم منذ 6 سنوات، وتسمى باسم (عثمان) وتكنى بأبي سحنون، طلع له ولد صغير سماه (سحنون) وهو مولع بالفقه المالكي من منابعه الأصلية، وبالنحو من منابعه الأصلية، هو يبحث عن مكان يتوفر له فيه دراسة (مختصر خليل) في الفقه المالكي و (ألفية ابن مالك) في النحو والصرف، قال لي: جئت إلى شيوخ الزيتونة قلت لهم: أنا أريد أن أقرأ هذين العلمين من خلال هذين المتنين، فكلهم قالوا لي: هذا اللي تبحث عنه الآن لا يوجد، ولم يبق له وجود إلا في بادية موريتانيا.
(تقرير مسجل):
انتعشت المحاضر في عهد دولة المرابطين في نهاية القرن الخامس للهجرة، مع سعيها لنشر الإسلام في جنوب الصحراء، التي سيطرت عليها من ضفاف نهر السنغال إلى جبال البرميل في شبه الجزيرة الأيبرية.
محمد كريشان:
المحاضر من يشرف عليها؟ يعني هل أهل علم ودين؟ شيوخ .. هل هم ناس ميسوري الحال؟ وبالتالي بإمكانهم أن يرعوا وينفقوا على هذا العدد؟ كيف نشأت الفكرة؟ من الذي رعاها؟ ما هي الجهة التي تقف وراءها؟
الشيخ محمد سالم:
¥