تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حريق مكتبة (عبد الرحمن نصيف) في جدة وتلف أندر الكتب والمطبوعات العربية]

ـ[خضر بن سند]ــــــــ[19 - 01 - 09, 04:02 م]ـ

خسرت مدينة جدة (وطلاب المعرفة وعشاق التراث) هذا الأسبوع أضخم مكتبة أثرية تضم أندر الطبعات من الكتب العربية والدوريات والصحف.

ففي شارع قديم يعود تاريخه لمئات السنين وسهو سوق العلوي , وأمام مسجد أثري نادر وهو (مسجد المعمار) يقع مكتب رجل نادر وفريد , هو الشيخ عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن حسين نصيف.

احترقت المكتبة في الأسبوع الثالث من شهر محرم لعام 1430 , مخلفة حزناً و شجىً في نفوس عشاق الكتب , والباحثين عن النادر الذي لا يقدر على جمعه واقتنائه إلا القليل , ولا يفتح خزائنه وكنوزه للناس بدون مقابل إلا أندر النادر من الناس.

منظر محزن حقاً وأنت ترى جزءً من البيت احترق من أسفله لأعلاه , وترى بقايا أوراق وتجليد الكتب النادرة لم يبق منها إلا أطراف مسودة من أثر النار, احترق نصف المكتبة تقريباً بما في ذلك المكتب الخاص به ,, ذهبت الوثائق والكتب وبقي الرجل صابراً محتسباً كما عرفته , بقي في ذاكرة المدينة , وقلوب محبيه , وبقي كما يقول سيجمع غيرها ويشرع أبوابها للناس وقد قارب السبعين من عمره.

سبب الحريق أن المكتبة في الدور الثاني , في منزل تاريخي أثري , وبأسفل البيت تقع دكاكين , لم يراع أصحابها شروط السلامة , وشاء الله أن تحرق دكاكين (أبو ريالين - كما عبر أحد الكتاب -) أندر وأقدم الكتب التي لا تقدر بثمن , والعجيب تجاهل الصحافة المحلية عن الحريق والمكتبة , فصحافتنا مشغولة بغير ذلك.

*******************

عبد الرحمن نصيف ينتمي لعائلة عريقة في العلم , فجده من أشهر علماء البلد وهو محمد نصيف وهو درة الحجاز وسلفيها الأول , ومفخرة القرن الماضي في جمع الكتب والمخطوطات , عاش عبد الرحمن مع جده وتطبع بطباعه وخصائله الرجولية والفريدة , وهو ينتسب لقبيلة حرب الشهيرة والكبيرة.

والده من رجالات الحجاز المشهورين , وشقيقه هو الدكتور عبد الله بن عمر نصيف رئيس رابطة العالم الإسلامي , ونائب رئيس مجلس الشورى.

وأخته هي الدكتورة الشهيرة فاطمة نصيف المعروفة بكتبها ونشاطها الدعوي.

وجده لأمه هو عبد الصمد شرف الدين المحقق اللوذعي الذي حقق تحفة الأشراف للمزي.

وأما جدة محمد بن حسين ففريد عصره , ومن اطلع على مذكرات وكتب الطنطاوي رحمه الله وقرأ صفات الشيخ محمد يعجب من هذا الرجل الذي كان أمة لوحده , فمحمد بن حسين نصيف ليس مجرد شخص عادي بل هو الحاكم لجدة , وقصره الكبير سكن فيه بعض خلفاء الدولة العثمانية , ونزل فيه حكام الأشراف , وعقدت فيه اتفاقيات جدة مع الملك عبد العزيز , ومع ذلك فهناك دور كامل مخصص للكتب والمخطوطات النادرة التي قل أن توجد في العالم , بين الأرفف توجد الآلاف المؤلفة من الكتب التي أحسن تجليدها وترتيبها , و ففي بيته يلتقي الألباني مع المعلمي و يتعرف زهير الشاويش على أعيان الناس.

في هذا المنزل يتعرف العلامة النجدي عبد الرحمن السعدي مع تلميذه الشاب محمد العثيمين على السلفية الحقة في الحجاز , ويصبح نصيف هو المتبرع والناشر الأول لكتب الشيخ العثيمين , ويكتب عنه الشيخ ابن عثيمين كتابة بليغة في وصفه وصفة مكتبته وكرمه.

في هذه الدار الكبيرة أيضاً يتعارف رشيد رضا مع علماء الحجاز , ويصارع أحمد شاكر خصومه وينشر فكرته حول خدمة السنة ويتلقى التبرعات من نصيف وغيره , وترى محمد حامد الفقي وهو يوزع الكتب , ويبين فكرة جماعة أنصار السنة , ويتحدث بلسان الأسد الهصور عن حماية التوحيد وخطر البدعة.

ويلتقي الطنطاوي مع شتى الأدباء والشعراء والفقهاء , يذهل الطنطاوي من المكتبة ويجزم أنه لم ير مثلها في حياته , يحتار الطنطاوي أ يكتب عن سلفيته أم عن مكتبته أم عن كرمه الخيالي أم عن مساعدته ونجدته للعلماء!! أشياء كثيرة تجمعت فيه رحمه الله.

محمد نصيف يأتيه العالم والفقير والغني , والحكام والوزاراء والسفراءوغيرهم , يتسامرون على المعرفة , والكتب والتاريخ ويحضر كثير من هذه الأجواء الحفيد المحب لجده وللعلم عبد الرحمن بن عمر ويشاهد الأخلاق وحسن التعامل والتدبير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير