تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الصحابة أو بعض الشيوخ أو بعض أهل البيت أو الأبراج أو الغيران من البدع المحدثة المنكرة في الإسلام لم يشرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كان السابقون الأولون والتابعون لهم بإحسان يفعلونه, ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين بل هو من أسباب الشرك وذرائعه) والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الجواب, ثم قال في صفحة (500) من الجزء المذكور: (ولم يكن أحد من الصحابة بعد الإسلام يذهب إلى غار ولا يتحرى مثل ذلك فإنه لا يشرع لنا بعد الإسلام أن نقصد غيران الجبال ولا نتخلى فيها .. إلى أن قال: وأما قصد التخلي في كهوف الجبال وغيرانها, والسفر إلى الجبل للبركة مثل جبل الطور وجبل حراء وجبل ثور أو نحو ذلك فهذا ليس بمشروع لنا بل قد قال صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» (2) انتهى كلامه رحمه الله.

وقال ابن القيم رحمه الله في (إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان) صفحة (204) بعد كلام له سبق في التحذير من قصد القبور للتبرك بها, والدعاء عندها: (وقد أنكر الصحابة ما هو دون هذا بكثير فروى غير واحد عن المعرور بن سويد قال صليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في طريق مكة صلاة الصبح ثم رأى الناس يذهبون مذاهب فقال أين يذهب هؤلاء؟ فقيل يا أمير المؤمنين مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم فهم يصلون فيه فقال إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا كانوا يتبعون آثار أنبيائهم ويتخذونها كنائس وبيعا فمن أدركته الصلاة منكم في هذه المساجد فليصل ومن لا فليمش ولا يتعمدها، وكذلك أرسل عمر رضي الله عنه أيضا فقطع الشجرة التي بايع تحتها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى كلامه رحمه الله.

وكلام أهل العلم في هذا الباب كثير لا نحب أن نطيل على القارئ بنقله, ولعل فيما نقلناه كفاية ومقنعا لطالب الحق .. إذا عرفت ما تقدم من الأدلة الشرعية وكلام أهل العلم في هذا الباب علمت أن ما دعا إليه الكاتب المذكور من تعظيم الآثار الإسلامية كغار ثور ومحل بيعة الرضوان وأشباهها وتعمير ما تهدم منها والدعوة إلى تعبيد الطرق إليها, واتخاذ المصاعد لما كان مرتفعا منها كالغارين المذكورين واتخاذ الجميع مزارات ووضع لوحات عليها, وتعيين مرشدين للزائرين- كل ذلك مخالف للشريعة الإسلامية التي جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها, وسد ذرائع الشرك والبدع وحسم الوسائل المفضية إليها. وعرفت أيضا أن البدع وذرائع الشرك يجب النهي عنها ولو حسن قصد فاعلها أو الداعي إليها لما تفضي إليه من الفساد العظيم وتغيير معالم الدين وإحداث معابد ومزارات وعبادات لم يشرعها الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (1)

فكل شيء لم يكن مشروعا في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه رضي الله عنهم لا يمكن أن يكون مشروعا بعد ذلك, ولو فتح هذا الباب لفسد أمر الدين ودخل فيه ما ليس منه, وأشبه المسلمون في ذلك ما كان عليه اليهود والنصارى من التلاعب بالأديان وتغييرها على حسب أهوائهم واستحساناتهم وأغراضهم المتنوعة, ولهذا قال الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة في زمانه رحمه الله كلمة عظيمة وافقه عليها أهل العلم قاطبة, وهي قوله: (لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها) , ومراده بذلك أن الذي أصلح أولها هو التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والسير على تعاليمهما, والحذر مما خالفهما, ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا هذا الأمر الذي صلح به أولها, ولقد صدق في ذلك رحمه الله فإن الناس لما غيروا وبدلوا واعتنقوا البدع وأحدثوا الطرق المختلفة تفرقوا في دينهم, والتبس عليهم أمرهم وصار كل حزب بما لديهم فرحون وطمع فيهم الأعداء, واستغلوا فرصة الاختلاف وضعف الدين, واختلاف المقاصد, وتعصب كل طائفة لما أحدثته من الطرق المضلة, والبدع المنكرة حتى آلت حال المسلمين إلى ما هو معلوم الآن من الضعف والاختلاف وتداعي الأمم عليهم, فالواجب على أهل الإسلام جميعا هو الرجوع إلى دينهم والتمسك بتعاليمه السمحة وأحكامه العادلة, وأخذها من منبعها الصافي: الكتاب العزيز والسنة الصحيحة المطهرة, والتواصي بذلك, والتكاتف على تحقيقه في جميع المجالات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير