ـ[علي الفضلي]ــــــــ[24 - 01 - 09, 01:21 م]ـ
بارك الله فيكم.
السؤال:
ما حكم القراءة على الماء والزيت، وقد سمعنا من يجوزها ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم قاموا بذلك؟
الجواب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وآله وصحبه أجمعين،،،
وبعد:
فالقراءة على الماء ونحوه مشروعة وجائزة عند كثير من أهل العلم، قديماوحديثا.
وأما قولك: إنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم قاموا برقية في ماء أو زيت أو عسل أو غيره!! غير صحيح.
ولو قيدته بقولك: "فيما أعلم"، لكان أصوب وأسلم.
فقد روى الطبراني في المعجم الصغير (ص 117) وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 223) وغيرهما: عن علي رضي الله عنه قال: لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي، فلما فرغ قال: " لعن الله العقرب، لا تدع مصلياً ولا غيره، ثم دعا بماءٍ وملحٍ، وجعل يمسح عليها ويقرأ بـ (قل يا أيها الكافرون) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس).
وله شواهد، فقد أخرجة الترمذي (2905) عن ابن مسعود رضي الله عنه وفيه: فجعل يضع موضع اللدغة في الماء والملح، ويقرأ (قل هوالله أحد) والمعوذتين حتى سكنت.
وقد صححه العلامة الألباني رحمه الله في الصحيحة (548).
أفليس هذا من الرقية والقراءة على الماء؟!
وقد ذكر الحديث الإمام ابن القيم رحمه الله في الطب النبوي من زاد المعاد (4/ 180) ثم قال: ففي هذا الحديث: العلاج بالدواء المركب من الأمرين: الطبيعي، والإلهي، فإن في سورة الإخلاص من كمال التوحيد العلمي الاعتقادي،وإثبات الأحدية لله، المستلزمة نفي كل شركة عنه ...
قال: وفي المعوذتين الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا، فإن الاستعاذة من شر ما خلق تعم كل شر يستعاذ منه، سواء كان في الأجسام أو الأرواح ...
والسورة الثانية: تتضمن الاستعاذة منشر شياطين الإنس والجن.
فقد جمعت السورتان الاستعاذة من كل شر، ولهما شأن عظيم في الاحتراس من الشرور قبل وقوعها، ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن عامر بقراءتهما عقب كل صلاة ... إلخ كلامه رحمه الله.
ثم قال:
وأما العلاج الطبيعي فيه، فإن في الملح نفعاً لكثير من السُّموم، ولا سيما لدغة العقرب، كما ذكر الأطباء، فقد قال صاحب "القانون":
يُضمد به مع بزر الكتان للسع العقرب،وذكره غيرهُ أيضاً.
وفي الملح من القوة الجاذبة المحلِّلة ما يَجذبُ السموم ويُحللها، ولما كان في لسعها قوةٌ نارية تحتاج إلى تبريد وجذب وإخراج جمع بين الماء المبرد لنار اللسعة، والملح الذي فيه جذب وإخراج، وهذا أتم ما يكون من العلاج وأيسره وأسهله، وفيه تنبيه على أن علاج هذا الداء بالتبريد والجذب والإخراج والله أعلم. انتهى.
ونقله الإمام ابن مفلح في الآداب الشرعية (3/ 98).
وأخرج البخاري ومسلم وأحمد: عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو وجع، قال بأصبعه هكذا، ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها، وقال: " بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى سقيمنا، بإذن ربنا".
قال ابن مفلح: وهذا علاج مركب سهل، فإن القروح والجراح يتبعها غالباً سوء مزاج ورطوبة رديئة وسيلان، والتراب الخالص طبيعته باردة يابسة فوق برد كل دواء مفرد، فتقابل برودته تلك الحرارة، ويبسه تلك الرطوبة، ويعدل مزاج العضو العليل فتقوى قوته المدبرة، فتدفع ألمه بإذن الله تعالى، وينضم مع ذلك، هذا الكلام المتضمن لبركة اسم الله والتوكل عليه، وتفويض الأمر إليه. انتهى (3/ 94).
وروى ابن ماجه (3548): عن عثمان بن أبي العاص قال: لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف، جعل يعرض لي شيء في صلاتي، حتى ما أدري ما أصلي، فلما رأيت ذلك، رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: " ابنُ أبي العاص؟ " قلت: نعم يا رسول الله، قال: " ما جاء بك؟ " قلت: يا رسول الله عرض لي شيء في صلواتي، حتى ما أدري ما أُصلي. قال: " ذاك الشيطانُ، ادنه " فدنوت منه،فجلست على صدور قدمي.
قال: فضرب صدري بيده، وتفل في فمي، وقال: " اخرُجْ عدُوَّ الله " ففعل ذلك ثلاث مرات.
ثم قال: " الْحَقْ بعَمَلِكَ ". وصححه العلامة الألباني في السنن.
وفي الصحيحين: أنه صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله فيمسح بيده اليمنى.
وكان إذا أوى إلى فراشه نفث بكفه بـ (قل هو الله أحد) وبالمعوذتين جميعاً، ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يده من جسده.
فلا حرج من القراءة والنفث في الماء وعلى البدن وعلى المعيون، كما روى مالك في الموطأ (2/ 938) حادثة سهل بن حنيف، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم عامر بن ربيعة أن يتوضأ له.
وغيرها كثير مما تبعه يطول، لكن وجود بعض الناس الذين يجعلون ذلك تجارة، هو خلاف هدي السلف، ومما يذهب البركة من الرقية.
والله أعلم،،،
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ محمد الحمود النجدي.