تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مُفَارَقَةٌ تَكْشِفُ الأَسْتَارَ

ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[24 - 01 - 09, 03:06 ص]ـ

الحَمْدُ للهِ وَحدَهُ وَالصّلَاةُ وَالسّلَامُ عَلَى مَن لَانَبِيَّ بَعدَهُ أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنّ المَعَارِفَ لاتُحدّ بِحَدٍّ، وَإنّ النّاظِرَ فِي العِلمِ لَيجِدُ زَخَمًا مَعرفِيًّا أمَامَه لايَدرِي مِن أَينَ يَبدَأُ؟ وإِلَى مَاذَا يَنتَهِي؟

إنّ العلماء مُذْ سَالِفِ الدّهرِ قَدْ خَبَروا حَقيقَةَ العِلمِ، وبَانَ لَهُم طَريقهُ فَسَارُوا بمِشْيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ يَنَهَلُونَ مِن رَيّانِهِ ويَعُلُّون، ومَعَ ذَلِكَ: فَلَا تُفسِدُ شَرْبَةٌ ثَمرةَ أُختِهَا ..

إنّهم عَلِمُوا أَنّ العِلمَ لَيسَ مُجَرّدَ مَعَارِفَ مُتَرَاكِمَةٍ، بَل رَأوا أنّ العِلمَ شِقّانِ: فَشِقٌّ هوَ الخَلِيّة، وآخرُ هُوَ عَسَلُهَا. فلا زِينَةَ لِلخَلِيّةِ خَالِيةً من العَسَلِ، ولابَقاءَ للعَسَلِ عاريًا مِنَ الخَلِية، فأجَادوا بِناءَ الخَلايَا فَوَقَعَ العَسَلُ مَوقِعَه ..

إنّهم فَقِهوا أنّ أَخْذَ كَلّ شَيءٍ يَكونُ بِحَسَبهِ، وبذلك تَوَسّعتْ فُهُومُهُم فَكَانَت وِعَاءً لِكَلِّ مَايَرِدُ عَلَى عُقُولِهِم مِن عُلُومَ ومَعَارفَ، فَلا تُخْطِئُ فَائِدَةٌ مَكَانَهَا ولايَحِيدُ فَرعٌ عَن أَصلِهِ ..

لكنّا لَم نَفْقه ذَلِكَ جَيّدًا، فَظَنَنّا أنّ العِلمَ مَعارفُ مُتَراكِمةٌ، فَسَعَينَا فِي نَيلِها سَعْيًا حَثِيثًا حَتّى تراكَمَتْ وتراكَمَتْ فَأََضْحَت كَالحِجَارةِ المُتَجَمّعةِ الّتِي مَلَأت أَركَانَ حَيٍّ مِنَ الأَرضِ فَلَم تَجِد الرّافِعَةُ مِن أَينَ تَدخُلُ؟ ولاأَينَ تَضَعُ الحِجَارَةَ؟

إنّ تَوسِيعَ مَدارِكَ الفَهْمِ لَمُغنٍ عن كثيرٍ من العِلمِ، ذلكَ أنّ العِلمَ كَمَا قِيلَ: لَيسَ بكَثرةِ الرّوايةِ ولكنْ بإحْسَانِ الدّرَايَةِ ..

إنّ المَرءَ الّذِي أعَدّ عُدّتَهُ وأَتْقنَ بُنيانَ أُصُولِ العِلمِ فِي ذِهنِه جَيّدًا لَيسَ يَعجزُ عَن فَهمِ مَسأََلَةٍ حَادِثَةٍ عَلَيه، ذَلِكَ أنّه يَعْقِل جُذُورها فَيُحْسِنُ بَأيّ شَيءٍ يَسقِيهَا ..

لَكِنّ الّذِي تَخَلْخَلَتْ مَدَارِكُهُ وَلَم يُقِمْ أصولًا ثابِتةً يَرَى الأُمُورَ بِوَفقِ حَقِيقَتِها، لَهُو عَاجِزٌ عَن دَرْكِ أُمُورٍ تَكَادُ تَكُونُ ضَرُورَةً لولا قُصُور الحِسِّ عَن إِدْراكِهَا عَيَانًا ..

فَكَان بَعد ذلِكَ مَاكَانَ ..

وإلى اللهِ المُشتَكَى وهُو وَحدَه المُستَعَان ..

بِمَا مَضَى تُحسِن فَهمَ المُفَارَقَة بَينَ الأَمرَين ..

بِمَا مَضَى تَعرف سَبَب اختِلافِ مُخرَجَات الطّائِفَتَين ..

بِمَا مَضَى تَعْلَم كَيفَ صَنَّفَ شَيخُ الإسلام درءَ التّعَارض ..

بِمَا مَضَى تَعلَم كَيفَ خَطّ الشّاطِبِيّ مُوافَقَاتِه وكَيفَ صَنّفَ سِيبويهُ كِتَابَه ..

بِمَا مَضَى تَعلَم لِمَ قَالَ الذّهَبِيُّ رَحِمَه الله عَن مَذَاهِبِ الأئمّةِ المَتْبُوعِين: (وَقَلَّ مَن يَنهضُ بِمَعْرِفَتِها فَضْلًا عَن أَن يَكُونَ مُجتَهِدًا)

بِمَا مَضَى تَعلَم كَيفَ قَالَ شيخُ الإسلَامِ عَن وَاسِطِيَّتِهِ: (قَدْ أَمْهَلْت كُلَّ مَنْ خَالَفَنِي فِي شَيْءٍ مِنْهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فَإِنْ جَاءَ بِحَرْفِ وَاحِدٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ ... يُخَالِفُ مَا ذَكَرْته فَأَنَا أَرْجِعُ عَنْ ذَلِكَ)

بِمَا مَضَى تَعلَم لِأيِّ شَيءٍ قَالَ ابنُ مَهدِي رَحِمَه الله: (إِنكَارُنَا الحَدِيثَ عِندَ الجُهَّالِ كَهَانَة)

وبِمَا مَضَى تَعْلَم بِأيّ عَقلٍ قَالَ أَحَمقٌ فِي زَمَانِنِا: (مَا هََكَذا تُعَلُّ الأَحَادِيثُ ياابنَ المَدِينيّ)

ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[09 - 02 - 09, 12:43 ص]ـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (منهاج السنة النبوية3/ 83):

(وَنَحْنُ نَذْكُرُ " قَاعِدَةً جَامِعَةً " فِي هَذَا الْبَابِ لِسَائِرِ الْأُمَّةِ فَنَقُولُ:

لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِنْسَانِ أُصُولٌ كُلِّيَّةٌ يَرُدُّ إلَيْهَا الْجُزْئِيَّاتُ لِيَتَكَلَّمَ بِعِلْمِ وَعَدْلٍ ثُمَّ يَعْرِفُ الْجُزْئِيَّاتِ كَيْفَ وَقَعَتْ؟ وَإِلَّا فَيَبْقَى فِي كَذِبٍ وَجَهْلٍ فِي الْجُزْئِيَّاتِ وَجَهْلٍ وَظُلْمٍ فِي الْكُلِّيَّاتِ فَيَتَوَلَّدُ فَسَادٌ عَظِيمٌ)

وتجده في مجموع الفتاوى: (19/ 203)

وفيه: (تُرَدُّ) بدلا من (يَرُدُّ)


مما له صلة بالموضوع:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=160974

ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[05 - 08 - 10, 12:49 ص]ـ
كتبتُ هذا الموضوع من زمنٍ يقارب السنتين فيما أظن ..

وكان ممّا رقمتُه فيه:
وبِمَا مَضَى تَعْلَم بِأيّ عَقلٍ قَالَ أَحَمقٌ فِي زَمَانِنِا: (مَا هََكَذا تُعَلُّ الأَحَادِيثُ ياابنَ المَدِينيّ)

---
ولم أكن أعلمُ حينَها أن قائلَها عالمٌ جليل ..
قالها حينَ كان في أوائل سنيِّه العلميّة، وقد تراجع عنها ..
فقولي أحرفه إلى المقولةِ دون صاحبِها ..

ولِإَنّ الموضوعات في الشبكة قد تُرفع دون علم صاحبها
=ولئلا يُظن بالكاتب مالم يقصده
=جرى التنبيه ..

------

هذا، ولو استقبلتُ من أمري ما استدبرت لجعلتُ مشاركاتي التي جاوزت الخمسمائة خمسًا ..

والله المستعان وعليه التكلان ..

23/ 8/1431هـ
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير