بالنسبة للعلاج .. فلا يمكن أن يشفى المرء من مرض دون تضحية فلا بد من الألم أحيانا حتى يكون العلاج ذا مفعول فعال فعلاج الغرغرينا يكون بالبتر، وعلاج بعض أنواع السرطان بالاستئصال وبعض الأمراض بالكي.
أخي المصاب بمرض الوسواس إن كنت تريد الشفاء من الوسواس بلا تعب ولا ألم!! فلا داعي للمحاولة لأنها ستصبح من العبث كمن يريد العلاج من السرطان بأكل الحلوى!.
نعم ليس هناك حل سريع أبدا لا في العلاج السلوكي ولا الجراحي! ولا بالحبوب المهدئة، بل إن الحبوب قد تعرضك لأمور أشد من الوسواس القهري بمراحل مع أنها لا تخلو من فائدة، ما أريد أن أصل إليه هو أن تكون مستعدا للعلاج معنا في طريقتنا هذه والاستمرار فيها مهما واجهك من صعوبات، مع العلم أن طريقتنا في العلاج يكون الألم فيها نفسي فقط ولفترة محدودة جدا.
المهم لا تتراجع بعد أن تبدأ العلاج وإن تراجعت فستفسد على نفسك فرصة الاستفادة منه.
ولعلمك فلو بدأت في تطبيق برنامجنا العلاجي ستشعر بالراحة بعد أيام قليلة بإذن الله.
لكن الشفاء الكامل بإذن الله يحتاج إلى الثبات على العلاج وعدم تركه.
المبحث الثاني
الخطوات العملية للعلاج
اقرأ العلاج كاملا أكثر من مرة قبل التطبيق حتى تفهمه وإن أشكل عليك شيء فأعد القراءة مرة أخرى ثم اختر الوقت المناسب للتطبيق حتى يتحقق الشفاء بإذن الله.
الخطوة الأولى من البرنامج العلاجي
التهيئة النفسية
قبل أن نبدأ رحلة العلاج لا بد من التهيئة النفسية قبله، ليتقبله الإنسان ويستمر عليه ويضحي من أجله مهما واجه الموسوس من صعوبات.
بعد أن يتضح ذلك، لك الحق أن تسأل فتقول: وكيف أهيئ نفسي؟
فأقول: إذا أردت ذلك لا بد أن تمر بخطوات عدة، وهي كالآتي:
1 - أن تخلوا بنفسك في غرفة هادئة بعد أن تتوضأ وتقرأ الورد اليومي ثم تصلي ركعتين تدعو فيهما ربك بإخلاص أن يعينك على الشفاء، ثم تجلس جلسة مريحة مصطحبا معك دفترا وقلما.
2 - أن تسأل نفسك الأسئلة التالية وحاول أن تجيب عنها بصراحة تامة بينك وبين نفسك والأسئلة هي ما يلي (وسأضع لك جوابا مساعدا):
س1/ منذ متى وأنا أعاني من الوسواس؟
ج/ أعاني منذ سنة .. سنتين .. عشر سنوات (أذكر المدة).
س2/ هل أنا موسوس بالفطرة أم طرأ علي الوسواس ولماذا؟
ج/ لا. بل كنت صحيحا معافى أعيش كما يعيش الآخرون ولكنني تساهلت في بادئ الأمر فتطور معي شيئا فشيئا حتى وصلت للمرحلة التي أنا فيها الآن (وقد يكون هناك سبب آخر).
س3/ هل الأعمال التي تصدر مني هي جائزة شرعا أم هي محرمة؟
ج/ بل هي محرمة لأدلة كثيرة جدا، والعلماء كلهم أجمعوا على تحريم الاستجابة للوسواس وأن الدين وسط لا غلو فيه ولا تفريط والله عز وجل أمرنا بالتعوذ من الوسواس.
س4/ أيعقل أن يكون الناس كلهم على خطأ وأنا وقلة معي هم المصيبون؟
ج/ لا، بل أنا مقتنع أن الناس على صواب بل وأتمنى أن أكون مثلهم.
س5/ ما هو الدافع الأساسي للأفعال الوسواسية؟
ج/ لكي أرتاح من المعاناة النفسية.
س6/ أسألك بالله، وهل أحسست بالراحة بعد فعل السلوكيات الوسواسية؟ فكما ترى حالك لك سنين طويلة في الوسواس هل شعرت بالراحة التي كنت تنشدها؟ أم أن معاناتك تزيد يوما بعد يوم؟
ج/ لا. بل معاناتي في ازدياد كبير، وكل يوم أزداد هما وأزداد تعاسة!
س7/ إذا ما الفائدة من فعل كل هذه السلوكيات الوسواسية؟!
ج / لا أدري.
س8/ هل تريد أن ترتاح من هذه المعاناة الطويلة؟
ج/ بالتأكيد، دلني عليها وبأسرع طريق.
بالطبع فبرنامجنا العلاجي ستجد فيه الراحة والطمأنينة في ظرف أيام قليلة بإذن الله تعالى.
حاول أخي الفاضل وأختي الفاضلة .. أن تقنعوا أنفسكم بهذه الإجابات لكي تتهيأ أنفسكم للعلاج والتضحية من أجله.
وذلك بأن تسرحوا بأذهانكم بتخيل بداية الإصابة بالمرض، ثم تحاولوا أن تستشعروا قسوة المعاناة التي بدأتم تعانونها ومدى الحرج الذي وقع بكم وساعات البكاء والألم وفترات الحزن والقلق، ساعات التوتر والأعصاب المشدودة.
حاولوا أن تتذكروها بتفاصيلها، ثم مباشرة اعزموا داخليا أن تتركوا جميع هذه الوساوس لتعيشوا حياة السعداء وابدؤوا بتخيل حياتكم بعد الشفاء بإذن الله.
تخيل أيها الأخ والأخت قيامك بالعبادة بكل هدوء وطمأنينة وتخيل السكينة في تصرفاتك، استشعر السعادة في قلبك، تخيل نفسك وأنت صحيح معافى في مدرستك في عملك في مجلسك في حياتك كلها تخيل نفسك والبسمة على شفتيك بعد أن حرمتها سنين طويلة.
وبعد ذلك اسأل نفسك بكل هدوء وعزيمة:
ولم لا أصبح ذلك الرجل وتلك المرأة .. ؟
ما الذي يمنعني من الإقلاع عن هذه الوساوس؟
إلى متى وأنا مستمر على هذه الحال؟؟
لو كان العلاج بالكي هل أنا مستعد له؟
إذا كانت إجابتك بنعم، فأقول لك: أبشر، بل شفاؤك أسهل من ذلك بكثير! بإذن الله ولكن نحتاج منك إلى عزيمة ثابتة ثبوت الجبال.
وإن كانت إجابتك بلا، فاعلم أنك لم تصل بعد إلى مرحلة الوسواس الشديد، وشفاؤك سهل جدا بإذن الله تعالى.
ثم اسأل نفسك:
أيعقل أن يأتيني الشفاء في يوم وليلة وبدون كفاح؟
طبعا لا، وللعلم فقط: (فعلاج الوسواس لا يمكن أن يتم بالحبوب المهدئة فقط ولا بالعلاج السلوكي فقط إلا أن يشاء الله ولكنه بإذن الله يتم بالعزيمة الصادقة على ترك الوسواس نهائيا كما جربت أنا وجربه كثير ممن عالجتهم ولله الحمد).
ثم اسأل نفسك:
ولم لا أعزم عزيمة صادقة ثابتة ثبوت الجبال على مكافحة الوسواس الآن؟
أنا متأكد الآن أنك وصلت بحمد الله إلى قناعة تامة وعزيمة ثابتة ثبوت الجبال في مكافحة الوسواس.
لكي تصبح إنسانا سويا كما تحب أنت وكما تحب أن يراك الجميع.
وبعد أن تكون قد تهيأت نفسيا للعلاج ننتقل إلى الخطوة الثانية:
¥