1 - إن عدم ترخيص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لابن أم مكتوم بالتخلف عن الجماعة ليس دليلاً على وجوبها حتى على ذَوِي الأعذار، وإنما ذلك لما يَعْلَمُه من حرص عبد الله على الخير مهما كلَّفه من جهد، ولما يَعلَمه أيضًا من ذكائه وفطنته واستطاعته حضور الجماعة بغير قائد، ويدل على هذا أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ رخَّص لغيره ممن له عذر أن يُصلِّيَ فى بيته، ولا يذهب للجماعة في المسجد، فقد روى البخاري ومسلم أن عتبان بن مالك ـ وهو ممن شهد بدرًا ـ قال: يا رسول الله، قد أنكرت بصري ـ أي ضعف نظري ـ وأنا أُصلِّي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي بيني وبينهم، لم أستطع أن آتِي مسجدهم فأُصَلِّيَ بهم، ووَدِدْتُ يا رسول أنك تأتِينِي فتُصلِّي في بيتي فأتَّخِذَه مُصلًّى فاستجاب له وصلَّى فيه ركعتين. ولا يقال إن الترخيص لعتبان ـ وهو لعذر ـ دليل على أن الجماعة واجبة على غير المعذورين؛ لأنها لو كانت واجبة لقال له: انظر من يُصلِّي معك في بيتك، فعدم أمْره بذلك دليل على أن الجماعة سنة.
2 - إن حديث الهم بتحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة لا يدل على وجوبها، بل يدل على عدم وجوبها لأمرين، الأول: أن همه بترك الصلاة وإنابة واحد يُصلِّي بالناس دليل على عدم وجوبها، وإلا فكيف يترك واجبًا؟ ولا يقال إنه لو عاد من تحريق البيوت لأمْكَنه أن يَجِد جماعة يُصلِّي بهم، لأن وجود جماعة غير مضمون، والثاني أن الجماعة لو كانت واجبة تستحق تحريق بيوت المتخلفين، ما تأخر عن تحريقها معاقبة لهم على المعصية، لكنه لم يفعل فدل ذلك على عدم وجوبها وغايته أنها هامَّة.
3 - إن أحاديث الهمِّ بالتحريق وَرَدَت في شأن المنافقِين لتخلُّفهم كثيرًا عن الفجر والعشاء، وذلك في رواية أبَي هريرة نفسه التي اتفق عليها البخاري ومسلم، فقد جاء في آخرها: (والذي نفسي بيده لو يَعلم أحدهم أنه يجد عَرْقًا سَمِينًا، أو مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ العِشَاء)، والعرق بقية لحم أو عظم عليه لحم، والمرماتان ما بين ظلف الشاة من اللحم. فالحديث منصب على من يُكثرون التخلف وبخاصة عن الفجر والعشاء، وهذا دأب الذين فيهم نفاق، جاء في بعض روايات الشيخين: (إن أثقل صلاة على المنافقين هي الفجر والعشاء .. ).
4 - إن الوعيد بتحريق بيوت المتخلفين عن الجماعة يراد به الزجر لا حقيقته لأن الإحراق لا يكون إلا للكفار والإجماع على منع إحراق المسلمين.
5 - إن فريضة الجماعة يراد بها صلاة الجمعة كما جاء عن ابن مسعود في صحيح مسلم، لكن رُدَّ هذا بأن التهديد يجوز أن يكون للتخلف عن الجمعة وعن الصلوات الأخرى وبخاصة الفجر والعشاء.
6 - إن فريضة الجماعة كانت في أول الأمر لحرص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على حضور الناس جميعًا معه لتبليغ الوحي وإرشادهم ثم نُسِخَ الوجوب.
قال الحافظ ابن حجر: ويدل على النسخ الأحاديث الواردة في تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفَذِّ، أي المنفرد لأن الأفضلية تقتضي الاشتراك في أصل التفضيل، ومن لازمه الجواز، هذا بعض ما قيل في مناقشة أدلة الموجبين، إلى جانب أن الوجوب فيه حرج، والأرض كلها مسجد.
7 - حديث "صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " فليس بصحيح، ولو صح لكان المراد به نفي الكمال لا نفي صحة الصلاة ـ ذكره المناوي في "فيض القدير" على "الجامع الصغير" للسيوطي.
8 - حديث ابن مسعود يدل على حرص الصحابة على صلاة الجماعة لا على وجوبها و كون لا يتخلف عنها الا منافق فهى صفة للمنافقين لا صفة لمن يترك الجماعة.
هذا للامانة العلمية فليس من العدل ان نعرض 1/ 2 الموضوع ونترك باقيه
والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته
ـ[ابراهيم محمد محمد الشرقاوى]ــــــــ[10 - 01 - 10, 02:55 م]ـ
السلام عليكم
ايها الاخوة مادام الامر واسع لا ينبغى ان نحجر على انفسنا - مادام الخلاف معتبر - وكل يفعل بما ترجح لديه من ادلة واليكم بعض الادلة على انها سنة مؤكدة اما ادلة الوجوب فهى تحتمل التاويل لكن ليس معنى كلامى ان الراى القائل بوجوبها غير صحيح كلا انما الخلاف هنا معتبر الا ان الراى مرجوح عندى و عند غيرى، ادلة الجمهور:
1 - ـ حديث "إذا صلَّيْتُما في رحالكما ثم أتَيْتُما مسجدَ جماعةٍ فصَلِّيا معهم، فإنها لكما نافلة" رواه الخمسة عن يزيد بن الأسود إلا ابن ماجه.
¥