تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الصلاحي الكبير بنابلس المحمية، أنشأها حضرة المحترم الماجد الفاخر المرحوم باذن الله

محمود أفندي الطاهر، و كان نعم الصاحب للشيخ رحمه الله، فهرعت اليه الطلاب من جميع

الجهات من القرى و القصاب، و بقي رحمه الله مداوما على التدريس حتى أفاد و استفاد و بلغ

المنى ان شاء الله و المراد، و انتفع به خلق كثير، و حصل من أنفاسه الطاهرة فتوح كبير، فعادت

بركته على جميع الاخوان، و علت رتبته بين الأقران، و كانت رحمه الله مدة اقامته في نابلس

حماها الله خمسة و أربعين سنة، صرفها بالتدريس للخاصة و العامة، الى أن دخلت سنة الف

و ثلثماية و ثمانية عشر من الهجرة النبوية، فقد سافر رحمه الله الى بلد خير خلق الله فنال شرفا

بالمجاورة في حرم رسول الله صلى الله عليه و سلم.

رحلته الحجازية

في سنة الف و ثلثماية و ثمانية عشر شرح الله جل في علاه صدر الشيخ رحمه الله للسفر الى

بلد الله الحرام، و كان عمر الشيخ اذ ذا سبعين سنة، فشرع في السفر قاصدا مكة المكرمة،

متوكلا على رب الأرباب، مستمدا بمعونة الملك الوهاب، فأد فريضة الحج، و أتم فعل المناسك

الشرعية، فتوجه من مكة المكرمة نحو طيبة المدينة النبويه، و جاور فيها، و اشتغل بقراءة الدروس

في الحرم النبوي الشريف، فاشتهر فضله، و ارتفع ذكره، و أحبه أهل المدينة عموما، و لا سيما

السادة الكرام جماعة الشروق، أصلهم من نجد، حنابلة يستوطنون المدينة النبويه، (قلت و أنا

الصغير الضعيف، هذا ديدن الحنابلة من أهل نجد الى وقتنا الحاضر، يوقرون العلم و أهله، و لذالك

أ كرمهم الله بأن جعل بلادهم مظانا للعلم، فنجد اليوم ببركة أسلافهم العلماء و طلاب العلم، وجهة

العطشى من طلاب العلم، فحمى الله نجد، و أنزل عليها البركات)، فأنزلوه بينهم في بيوتهم، و

أكرموه غاية الاكرام، و خدموه على غاية ما يرام، لانه لم يوجد علماء حنابلة في ذلك الزمان، و

كاد الفقه الحنبلي يذهب من هاتيك البقاع، فشرع رحمه الله ينشر مذهب امامه الامام أحمد،

و اجتمع عنده الطلبة أكثرهم من الشروق (أي من نجد حماها الله)، و قد أقام رحمه الله في

النبوية ثلاثة عشر عاما، و حج ست حجات، و كان رحمه الله يزور نابلس في كل سنة، و يقيم

فيها ثلاثة أو أربعة أشهر، فيصل رحمه و يزور أقاربه، و يشاهد عياله، ثم يرجع الى طيبة المدينة

النبوية، يقوم فيها بوظيفة التدريس و نشر العلم، و كان يحضر دروسه علماء المدينة و أشرافها

و غيرهم من علماء الأقطار البعيدة، و الذين هاجرو من بلادهم لله و رسوله، و طلبو منه رحمه الله

الاجازة، فأجازهم في علوم متنوعة، و فنون مختلفه، و قد تزوج الشيخ رحمه الله في المدينة

في المدينة النبوية و لم يعقب منها أحدا، و كان الشيخ رحمه الله يحب العزلة عن الناس، فكان

يستوحش من أهل الدنيا، و كان يخالط جماعة من العلماء الأبرار، و الفضلاء الأخيار.

مؤلفاته

و قد ترك الشيخ رحمه الله تصانيف كثيرة نذكر منها:

1) المنهج الأحمد في درء المثالب التى تنمى لمذهب الامام أحمد

2) بغية النساك في البحث عن ماهية الصلاح و الفساد

3) هدية الراغي: و هو مرتب ترتيب أبواب البخاري

4) الرحلة الحجازية و الرياض الانسية في الحوادث و المسائل العلمية

وفاته:

في سنة ثلاثين بعد الثاثماية في شهر شعبان المكرم، رجع من طيبة الى نابلس لزيارته الأهل

و الأصحاب و الأحباب، و أقام في نابلس في تلك السنة خمسة أشهر، و لما دخل محرم الحرام

افتتحاح واحد و ثلاثين، شرع رحمه الله يتهيأ للرجوع الى المدينة النبوية، جريا على عادته

المتقدمه، و لكن سوابق الأقدار منعته، و حلول أيام الشتاء و البرد عاقته، و كان رحمه الله

يشتكي وجعا فب رجليه، و يمتد الالم الى فخذه، و لم يحصل له مرض سواه، فلما كان اليوم

العاشر من شهر محرم المذكور، و كان موافقا يوم الجمعه توضأ في بيته، و لبس أحسن ثيابه

و تمشط و تطيب، ثم خرج يتحامل بين رجلين، متوجها الى الجامع الكبير لأجل حضور صلاة الجمعه

، فدخل المسجد المذكور، و صلى ركعتين تحية المسجد، و جلس يستمع الخطبه، ثم اقيمت

الصلاة،، فأحرم مع الامام و أتم صلاة الفريضة، و بينما هو جالس يقرأ التشهد، فبعد أن أتى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير