[** بحث حول مسألة (تحديد يوم عرفة إذا اختلفت المطالع) **]
ـ[أحمد العماني]ــــــــ[12 - 02 - 09, 03:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، وبعد:
فهذا بحث متواضع جمعته على عجالة بعد طلب من أحد الإخوان الكرام ممن لا يسعني رده في أن أجمع ما يمكنني جمعه حول مسألة كثر فيها الجدل، واحتد فيها النقاش، وهي: (مسألة تحديد يوم عرفة إذا اختلفت المطالع)، فأجبته بما تيسر لي، وهذا جهد مقل، فمن رأى في البحث نقصاً أو خللاً فليكمله و يصوب ما فيه من زلل بعد البحث والتحقيق ..
وقد جعلت الموضوع في أربعة مباحث:
المبحث الأول: التمهيد لهذه المسألة المراد بحثها.
المبحث الثاني: أقوال أهل العلم حول هذه المسألة و حجة كل قول.
المبحث الثالث: مناقشة أدلة الفريقين والردود عليها.
المبحث الرابع: القول الراجح في هذه المسألة.
والله أسأل أن ينفع بهذا البحث، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، إنه سبحانه جواد كريم، رؤوف رحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[أحمد العماني]ــــــــ[12 - 02 - 09, 03:33 م]ـ
المبحث الأول:
التمهيد
لم أطلع في حدود بحثي على قول لأهل العلم قديماً حول هذه المسألة بعينها فضلاً عن التفصيل فيها، إلا لمحات يسيرة في بعض المؤلفات، وإنما كان الخلاف بينهم في بعض المسائل التي لها تعلق بهذه المسألة، أو بعض الأقوال التي ظاهرها متعلق بهذه المسألة سيأتي ذكرها في ثنايا البحث إن شاء الله، ولعل من أهم تلك المسائل مسألة اختلاف المطالع، وكان بحثُ الفقهاء في هذه المسألة عاماً في كل الشهور من دون تفريق بين شهر وآخر، إلا تنبيه ذكره ابن عابدين في " حاشية رد المختار " أن شهر ذي الحجة يعتبر فيه اختلاف المطالع دون غيره من الشهور، وهذا يخالف تماماً قول بعض العلماء المعاصرين الذين يقولون باختلاف المطالع في جميع الشهور ما خلا شهر ذي الحجة!! ولا أعلم أحداً من الفقهاء القدامى ممن كتب في هذه المسألة و تعرض لها ذكر ما ذكر العلماء المعاصرين!
ولهذا لا تجد في ثنايا فتاوى أهل العلم المعاصرين قولاً مأثوراً عمن قبلهم من أهل العلم، إلا محاولة هزيلة فيها لي وبتر، وهي ما ذكره أحد الأفاضل عن ابن العربي في " أحكام القرآن " (1/ 143)، ولكنه كان نقلاً في غير محله، وسيأتي التعليق عليه في مناقشة قولهم، وقد قرأت بعض الفتاوى لأصحاب هذا القول فرأيت أن غاية ما يستدلون به أن يوم عرفة هو اليوم الذي يقف فيه الناس بعرفة.
ومن أجل هذا التفريق اعتبرت الخلاف في هذه المسألة خلاف بين أهل العلم المعاصرين، وإن كانت المسألة في نظري داخلة في عموم مسألة اختلاف المطالع، وأرى أنه ينبغي أن تبنى هذه المسألة على أصل الخلاف المعروف في مسألة اختلاف المطالع، ومن ثم تخرج هذه المسألة عليه.
وقد حاولت جاهداً جمع أدلة الفريقين، مع العلم أن بعض هذه الأدلة لم يستدل بها أصحاب الفريقين، وإنما ذكرتها اجتهاداً مني، وصدرتها أحياناً بقولي: (قد يحتج لهذا القول)، وقد أذكر الاعتراضات عليها إن وجدت، وذلك كله على حسب فهمي، والله الموفق وهو الهادي إلى سبيل الرشاد.
ـ[أحمد العماني]ــــــــ[12 - 02 - 09, 03:35 م]ـ
المبحث الثاني:
أقوال أهل العلم وأدلتهم
اختلف أهل العلم المعاصرين حول مسألة تحديد يوم عرفة إذا اختلفت مطالع بعض البلاد عن موقف الناس بعرفة على قولين (انظر أقوال بعضهم في الملحق):
القول الأول: أن يوم عرفة هو اليوم الذي يقف فيه الحجيج بعرفة، وأن الناس تبع لهم في تحديد هذا اليوم، وممن رجح هذا القول اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -، ولجنة الإفتاء المصرية، و الشيخ فيصل مولوي، والشيخ حسام الدين عفانة، والشيخ عبد الرحمن السحيم - حفظهم الله -، وآخرون.
وأدلة هذا القول ما يلي:
1 – أن المقصود بيوم عرفة هو اليوم الذي يقف فيه الناس بعرفة، وفي ذلك عدة أحاديث منها:
¥