وأما السنة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا) مفهوم الحديث إذا لم نره لم يلزم الصوم ولا الفطر.
وأما القياس فلأن الإمساك والإفطار يعتبران في كل بلد وحده وما وافقه في المطالع والمغارب، وهذا محل إجماع، فترى أهل شرق آسيا يمسكون قبل أهل غربها ويفطرون قبلهم، لأن الفجر يطلع على أولئك قبل هؤلاء، وكذلك الشمس تغرب على أولئك قبل هؤلاء، وإذا كان قد ثبت هذا في الإمساك والإفطار اليومي فليكن كذلك في الصوم والإفطار الشهري ولا فرق.
.
ولكن إذا كان البلدان تحت حكم واحد وأَمَرَ حاكمُ البلاد بالصوم، أو الفطر وجب امتثال أمره؛ لأن المسألة خلافية، وحكم الحاكم يرفع الخلاف
.
وبناء على هذا صوموا وأفطروا كما يصوم ويفطر أهل البلد الذي أنتم فيه سواء وافق بلدكم الأصلي أو خالفه، وكذلك يوم عرفة اتبعوا البلد الذي أنتم فيه. (" مجموع الفتاوى " ج 19).
السؤال /
إذا اختلف يوم عرفة نتيجة لاختلاف المناطق المختلفة في مطالع الهلال فهل نصوم تبع رؤية البلد التي نحن فيها أم نصوم تبع رؤية الحرمين؟
الجواب /
هذا يبنى على اختلاف أهل العلم: هل الهلال واحد في الدنيا كلها أم هو يختلف باختلاف المطالع؟ والصواب أنه يختلف باختلاف المطالع، فمثلا إذا كان الهلال قد رؤي بمكة، وكان هذا اليوم هو اليوم التاسع، ورؤي في بلد آخر قبل مكة بيوم وكان يوم عرفة عندهم اليوم العاشر فإنه لا يجوز لهم أن يصوموا هذا اليوم لأنه يوم عيد.
وكذلك لو قدر أنه تأخرت الرؤية عن مكة وكان اليوم التاسع في مكة هو الثامن عندهم، فإنهم يصومون يوم التاسع عندهم الموافق ليوم العاشر في مكة.
هذا هو القول الراجح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا)، وهؤلاء الذين لم ير في جهتهم لم يكونوا يرونه، وكما أن الناس بالإجماع يعتبرون طلوع الفجر وغروب الشمس في كل منطقة بحسبها، فكذلك التوقيت الشهري يكون كالتوقيت اليومي. (" مجموع الفتاوى " 20 ج.)
فتوى فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
السؤال /
إذا سبقت نيجيريا مثلًا في رؤية الهلال عند حلول شهر ذي الحجة، فهل يجوز لأهلها أداء صلاة عيد الأضحى والنحر في اليوم العاشر عندهم حسب الرؤية؟ علمًا أن هذا اليوم ربما يكون هو يومَ الوقوف بعرفة في الأراضي المقدسة. ومعروف أن الصيام يوم عرفة مشروع، بينما هو خلاف ذلك يوم العيد. أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
الجواب /
الصحيح أن البلاد الغربية، قد يرون الهلال قبل البلاد الشرقية، فإنه قد يغيب في الباكستان قبل الشمس بخمس دقائق، ثم تسابقه الشمس، فيغيب في المملكة مقارنًا للشمس، ثم تسبقه الشمس فيستأخر عنها في البلاد الأفريقية بخمس دقائق أو أكثر، فمتى رآه أهل المغرب متأخرًا عن الشمس حكم بأن الشهر دخل عندهم، فلهم الصوم بهذه الرؤية والفطر والأضحى؛ لتحققهم دخول الشهر.
وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنه إذا رُئِيَ في بلد لزم المسلمين العمل بتلك الرؤية في جميع الأقطار، وذهب آخرون إلى أن لأهل كل قطر رؤيتهم، وهذا هو الذي عليه العمل في هذه الأزمنة، ورغم سرعة انتشار الخبر برؤية الهلال -عكس ما كان عليه الأمر في القرون الماضية- فعلى هذا يصح لأهل نيجيريا ومَنْ حولها ومَنْ بعدها من البلاد الأفريقية أن يعملوا برؤيتهم، فيصوموا عرفة، ويذبحوا أضاحيهم، ولو سبقوا بلاد الحرمين لقاعدة أن لأهل كل بلدة رؤيتهم.
.
جزاكم الله خيرا