أولا: لأن الكتاب لم يشتهر إلا في عصرنا الحديث، فلم نجد كلاما لأحد من أهل العلم عنه لا نقلا ولا نسبة، وفي كتب التعريف بالكتب لم يُشر إليه أحد في تعريفه لإحياء علوم الدين ومنهاج القاصدين.
ثانيا: فإذا كانت الحال كذلك فمن أين عرف الناس أنه لابن قدامة؟ مما كُتب على إحدى مخطوطات الكتاب، وكان من المفترض أن ينفضَّ الخلاف عندما يُكتب اسم المؤلف على المخطوطة، ولكن ما كتب على المخطوطة كان أحد أسباب الخلاف، وسيأتي بيان ذلك.
ومن خلال تتبع كثير من طبعات الكتاب يتبين لنا أن هناك ثلاثة اتجاهات لنسبة الكتاب، هذا بيانها:
الاتجاه الأول: أنه لموفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي المتوفى 620هـ وهو صاحب المغني وغيره من الكتب، وهذا غلط لأن موفق الدين مشهور وترجمته معروفة، ولم يُشر أحد من مترجميه إلى أن له كتابا اسمه مختصر منهاج القاصدين، بل له كتاب اسمه " منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين " وهو كتاب معروف مطبوع موضوعه مطابق لعنوانه، ومن طبعاته الأخيرة طبعة دار غراس. فضلا عن أن اسم موفق الدين مخالف تماما للاسم المكتوب على المخطوطة وسيأتي ذكره كاملا.
الاتجاه الثاني: أنه لأحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن قدامة المقدسي، وهؤلاء سلكوا أسهل الطرق، إذ أنهم أثبتوا الاسم المكتوب على المخطوطة كما هو دون تغيير، جاء في إحدى مخطوطات الكتاب وأثبتتها بعض الطبعات، في أول الكتاب:
] قال الشيخ الإمام العالم الزاهد العابد الأوحد العلامة نجم الدين أبو العباس أحمدبن الشيخ الإمام العالم العامل الزاهد العابد العلامة عز الدين أبي عبد الله محمدبن الشيخ الإمام العالم العامل الزاهد العابد العلامة شيخ الإسلام مفتي الأنام سيد العلماء والحكام شمس الدين أبي محمد عبد الرحمنبن الشيخ الإمام العالم العامل العارف الزاهد الورع شيخ الإسلام أبي عمر محمدبنأحمدبنمحمدبن قدامة المقدسي الحنبلي رضي الله عنه: الحمد لله الذي عم برحمته جميع العباد ..... اهـ
ولكن للأسف هؤلاء لم يقولوا لنا مَنْ أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن قدامة المقدسي هذا؟ بعضهم لم يضع له ترجمة ولا سنة وفاة، وبعضهم كتب أنه توفي سنة 689هـ ووضعوا ترجمة أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن قدامة المقدسي، فقلدوا أصحاب الاتجاه الثالث ولم يتنبهوا لاختلاف الاسمين!!!
وأعجب من ذلك طبعة دار الخير، كتب على غلافها أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي المتوفى 742هـ، فسارعت إلى مقدمة التحقيق لأجد المحقِّقَين يقولان:] هذا كتاب مختصر منهاج القاصدين للإمام العلامة نجم الدين أبو العباس أحمد بن عبد الله بن أبي عمر بن قدامة المقدسي [اهـ فغيرا الاسم ولم يترجموا له!!! ويستمر العجب عندما تقرأ مقدمة الشيخ وهبة الزحيلي لنفس الطبعة فتجده يقول:] قام العلامة أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن قدامة المقدسي المتوفى 689هـ[اهـ فيقلد أصحاب الاتجاه الثالث في الاسم وسنة الوفاة وكأنه لم يطالع غلاف الكتاب ولا ما كتبه المحققان في مقدمة التحقيق!
وبمراجعة وفيات 742هـ لم أعثر على أحد من عائلة ابن قدامة توفي في هذه السنة بل أقربهم وفاة من هذه السنة هو محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن قدامة المقدسي المتوفي 744هـ والمشهور بابن عبد الهادي وكتبه معروفة مشهورة: الرد على السبكي، مناقب ابن تيمية، تنقيح التحقيق .... وليس منها مختصر منهاج القاصدين.
وبعيدا عن طبعات الكتاب، وبالنظر إلى الاسم الذي جاء في أول المخطوطة أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي نجده محتملا للثبوت، فعبد الرحمن هو صاحب الشرح الكبير على المقنع توفي 682هـ وقد جاء في ترجمته في تاريخ الإسلام للذهبي 13\ 63 نسخة الشاملة أن له ابنا اسمه العز محمد ولد سنة 646هـ بخلاف ابنه محمد الذي عاش 14 سنة وتوفي 643هـ كما في تاريخ الإسلام 13\ 63، والسؤال الآن أين ترجمة العز محمد بن شمس الدين عبد الرحمن، وهل هو المشار إليه في مخطوطة الكتاب بعز الدين أبي عبد الله محمد؟ وهل له ولد اسمه نجم الدين أبو العباس أحمد؟ ليس معنا ما يثبت ذلك!
¥