تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما إذا لم يكن الموجب عندهم قائماً, فإنه لا يستدل بتركهم على بدعية هذا الأمر.

- كذلك الشأن في جمع عثمان للقرآن في المصحف, فإنّ موجب ذلك لم يكن موجوداً في عهد صاحبيه.

أما بدعة الاحتفال بالمولد, فهي غير مشروعة أصلاً.

والموجب لها كان قائماً في عهد السلف الصالح, والمانع منتفياً رغم ذلك تركوا الاحتفال به فدلّ ذلك على بدعية الاحتفال بالمولد.

سابعاً: استدلاله بقصة أبي لهب وفرحه بمولده صلى الله عليه وسلم.

الجواب:

كعادة هذا الدعيّ الجهول, فقد حملت كلماته الكثير من التضليل والتدجيل, وإليك البرهان:

1 - أوهم هذا الدعيُّ القارئَ أنّ الرواية التي أوردها صحيحة لا غبار عليها, وذلك حين ادعى أنّها من رواية البخاري في صحيحه.

والحقّ على خلاف ذلك.

فرواية البخاري في صحيحه هي من طريق عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم حبيبة رضي الله عنها، وجاء فيه: "أن ثويبة أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا سلمة".

ثم قال الراوي -أي: عروة بن الزبير- " وثويبة مولاة لأبي لهب، وكان أبولهب أعتقها فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات أبو لهب أُريَه بعض أهله بشر حِيبة، قال له: ماذا لقيت؟ قال أبولهب: لم ألق بعدكم، غير أني سُقيت في هذه بعتاقتي ثويبة " [انظر فتح الباري 9/ 140].

وإذا أمعنت النظر أخي الحبيب فإنك لا تجد فيها ذكراً للعباس ولا لغيره.

فهذه القصة ليست من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا من إقراره، وليست من قول الصحابي، حتى يحتج بها من يحتج بأقوال الصحابة، وإنما هي حكاية منام أوردها التابعي عروة بن الزبير، ولم يوردها محتجاً بها، وهي حكاية عن مجهول، وإسنادها مرسل منقطع.

- أما الرواية التي أوردها هذا الدعيُّ الجهول-مدلساً على العامة بأنها من رواية البخاري في صحيحه- هي في الحقيقة مما نقله السهيلي في الروض الأنف, وفيها:

"أن العباس قال: لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حول في شر حال، فقال: ما لقيت بعدكم راحة، إلا أن العذاب يخفف عني كل يوم إثنين، قال: وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم الإثنين، وكانت ثويبة بشرت أبا لهب بمولده فأعتقها" [الروض الأنف 3/ 96].

فالسهيلي لم يذكر مستنده في تلك الرواية عن العباس، وإنما علّقها عنه، وتعليق السهيلي لا يحتج به أحد من أهل العلم باتفاق.

2 - ثم نقول أيضاً: إن أبا لهب، لم يتخذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً وذكرى يحتفل به كل عام.

ثامناً: احتجاجه بتجويز بعض العلماء للاحتفال بالمولد.

نقل هذا الدعي جملة من أعلام العلماء - وإن دسّ في أوساطهم ما ليس منهم كما لا يخفى حتى يدلّس على العامة-, بأنّ السلف كانوا يحتفلون بالمولد النبويّ.

وادعى أنهم ألوف مؤلفة حتى يوعز أّنهم الأكثرية الساحقة.

والجواب:

1 - أن الاحتجاج بالكثرة، من العامة والعلماء، ليس دليلاً شرعياً معتبراً، ولم ينقل عن أحد من علماء الملة، الاستدلال بالكثرة في مسائل الخلاف.

2 - ثم إن عدد الذين لم يحتفلوا " بالمولد " من العلماء، يزيد على المحتفلين به، وهم، وإن لم يصرحوا بالإنكار، فإن لسان الحال يغني عن لسان المقال.

وإلا فما الذي يمنع أولئك عن الحضور، ولو مرة كل عام، خاصة وأنّ الواحد منهم كان حريصاً على العبادة والخير، وحضور مجالس العلم والذكر؟.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - رداً على المحتجين بكثرة المؤيدين للبدع-: "إذا فعلها قوم ذوو فضل فقد تركها قوم في زمان هؤلاء معتقدين لكراهتها وأنكرها قوم كذلك وهؤلاء التاركون والمنكرون إن لم يكونوا أفضل ممن فعلها فليسوا دونهم في الفضل ولو فرضوا دونهم في الفضل فتكون حينئذ قد تنازع فيها أولو الأمر فترد إذن إلى الله والرسول وكتاب الله وسنة رسوله مع من كرهها لا مع من رخص فيها" [اقتضاء الصراط, ص 291].

3 - أنّ الدعيّ الجهول, لم يأتنا بأحد أعلام السلف من القرون الثلاثة المفضلة ممن احتفل بالمولد النبويّ, ولا شكّ أن آلاف العلماء من القرون الثلاثة الأولى, هم أسمى فضلاً ومكانة, ولم ينقل عن أحدهم احتفاله بالمولد.

تاسعاً: افتراؤه على الشيخ محمد حاج عيسى:

كعادة هذا الدعيِّ الجهول في الغمز واللمز, فقد رمى الشيخ محمد حاج عيسى بكذب وبهتان, هو من براء, حينما ادعى أنّ الشيخ أطلق على ليلة المولد بأنها: "الليلة المشؤومة".

وبالرجوع إلى مطوية الشيخ, نجد أنّ هذا الدعي بتر الكلام, إمعاناً في التضليل, على مذهب: "ويل للمصلين".

والحقيقة أنّ الشيخ محمد عنى بذلك: أنّ ليلة المولد النبويّ المباركة تحوّلت بفعل بعض السفلة -ممن آذوا الخلق بهذه المفرقعات- إلى ليلة مشؤومة أزهقت فيها بعض الأنفس وأتلفت بعض الممتلكات.

فالوصف بالشؤم ليس على ذات الليلة منفردة, وإنما هو باعتبار ما يفعله بعض الناس من تجاوزات.

وهذا نظير قولنا مثلاً: تحوّل شهر رمضان الكريم من شهر للرحمة والتآزر إلى شهر للجشع واستغلال الناس.

فهل يفهم من هذا الكلام أنّ رمضان شهر الجشع؟؟!!.

هذا ما تيسّر كتابته في هذه العجالة.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

كتبه وحرّره: أبو يزيد المدني.

منتديات تبسة الإسلامية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير