متفق معك في الأصل، لكني اختلف معك في حال اقتران النية الأصلية الصحيحة - وهي الزواج - بنية الطلاق. فنية الطلاق مقترنة ومتعلقة بنية الزواج، لا ينفكان عن يعضهما البعض، لأنه لا يعقل حدوث نية الطلاق دون حصول نية الزواج! وعلى افتراض إنفكاك النيتان فنحن نرى الإثم بسبب الطارئ على نية الزواج الأصلية - والتي هي هنا نية الطلاق المحتم - فهذا هو محل النزاع! وعليه كان الإثم في نية الزواج الأصلية لتعلقها بنية الطلاق المضمر، وعليه لو قال رجل أعزب لا يريد الزواج أو يخطب أحداً، أريد أن أطلق بعد شهر، لم يأثم لأن النية ليس لها أثر ولا يمكن أن تتحقق، فإذا أراد الزواج وكانت في نيته الطلاق المضمر، أصبح حكمه متعلقاً بالفعل، فمتى تزوج بمثل هذه النية كان الإثم، وتفصيل هذه سأوضحه في معرض ردي على المثال الذي أوردته في ما يلي.
ومثال ذلك
إن نوى رجل وقال لأركبن السيارة واسرق المتجر
يكون قد نوى نيتين
1:ان يركب السيارة
2:وأن يسرق المتجر
فاذا ركب السيارة لم ياثم وسار بها حتى وصل المتجر و لم ياثم فان سرق وقع الاثم وان سار في طريقة وتعوذ من الشيطان لم ياثم
استدلالك بالمثال على الحكم لا يستقيم!
أولاً: ركوب السيارة في أصله مباح ويخرج الحكم من المباح إلى الأحكام الأربع الأخرى بحسب الحال، فقد يندب لمن كان له وسيلة للذهاب للمسجد، وقد يحرم إن كان استعماله في الحرام. وهذا معلوم، فالوسائل لها حكم المقاصد، وبها تعلم تعلق الفعل بالنية وما يطرأ عليها. لذا لا يستقيم فصل كل نية عن الأخرى في حال وجود طارئ عليها!
ثانياً: إن سرق الرجل في نهاية المطاف فكل الأفعال السابقة المعينة على السرقة أخذت نفس الحكم في الحرمية، مع بقاء الحرمية لأن معنى النية القصد، فإن لم يسرق لعدم استطاعته فالحرمية لا تزال موجودة عليه، وإن تاب قبل حصول الفعل كانت توبته سبب مغفرة ما سبق.
ثالثاً: هذا قياس مع الفارق. الزواج متعلق بقبول طرفين فالنية معتبرة وعليها يترتب القبول أو الرفض، فمتى علم الطرف الأخر بها لم يجز مثل هذا العقد - وإن ظن ذلك ظناً - فما بالك إن تيقن! أما السرقة فهي متعلقة بطرف واحد لا تؤثر النية على تحقق الفعل وحصوله.
وإن كنا اتفقنا على هذا الأمر
يكون الرجل صحيح في نية الزواج يأثم في نية الطلاق بعد شهر
والذي يهمنا هنا هو نية الطلاق بعد شهر
لم نتفق
قلتَ أخينا الفاضل علمك الله وهداك للحق
ان صاحبنا ياثم من ساعة زواجه مستدلا بحديث انما الاعمال بالنيات
واستدلالك بهذا الدليل خطا لا يصح بارك الله بك
أجبت على هذا في ما سبق، فيرجع اليه.
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى
قلت حدد رسول الله الأعمال أي إن عمل احدنا عمل انما يحاسب على عمله حسب نيته وهذا لا خلاف فيه
ولكن صاحبنا نوى الزواج فتزوج ونوى الطلاق بعد شهر فلم يطلق
فالعمل هنا متوقف ونيته مضمورة فان طلق حق الإثم عليه (لمن يقول بالإثم) وإلا هو لا زال لم يعمل العمل الذي يصدق به نيته ويثبتها
أخي الفاضل - بارك الله فيه،
الحرمية في وجود نية الطلاق ترتبت لوجود الغش والخداع والكذب فيها!! بل قولكم يلزمكم بما لا تقولونه - على أغلب ظني - فهلا أجبتم عن سؤالي الذي سألته من قبل لأخي الكريم أبو صهيب و أورده لك أيضاً: هب أنّ رجلاً تزوج امرأة من شخص طلقها ثلاثا من أجل أن يحللها له ثم يطلقها، هل يصح ذلك، وما حكم المحلل في هذه الحال؟ كما أرجو أن تذكر لي الجمهور الذين قالوا بعدم الإثم في هذا المقام!!
فان قلت ياثم لان النية مقرونة
نقول لك نعم مقرونة بالكلام ولكن لا اقتران بالعمل فالزواج حصل اليوم والطلاق إن حصل فبعد شهر ولهذا أهل العلم قالوا ربما غير نيته في هذه المدة ودليلنا على هذا قول رسول الله الذي أخرجه البخاري ومسلم (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ قَالَ قَتَادَةُ إِذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ)
¥