أما مشاركتك رقم 49 فكانت أوضح من سابقاتها، حين حررت محل النزاع وإن كان تحريرك حجة عليك، فأنت أقررت أن الإثم يقع عند تنفيد النية، وهذا مشكل لك من جهتين: أثبتنا من النصوص الصحيحة وأقوال العلماء في شروح هذه النصوص أنّ النية إن استقرت في قلب الرجل هي فعل يحاسب عليه بالوزر أو الأجر (راجع مشاركتي رقم 24)، كما أن الطلاق مباح فتقريرك حرميته يدل على أنّ الحرمية كانت لسبب أخر هي النية السابقة المقترنة للفعل وهذا دليل على حرمية النية من ابتدائها. فتأمل. ثم رجعت لقضية النية وإلزامي بما لا يلزم لإختلاط الأمر عندك، فقلنا لك أن تعديل النية هي نية أخرى استبدلت سابقتها وراجع بحث النية في المساركة رقم 24 مرة أخرى.
علقت الكذب بالقول لذا تساءلن هل سأله أحد عن نيته فكذب! قولك مجمل وفيه تحجير للمعنى. فالكذب يعني - كما ذكر الحافظ -: "الْإِخْبَار بِالشَّيْءِ عَلَى خِلَاف مَا هُوَ عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ عَمْدًا أَمْ خَطَأ" والإخبار يكون بالقول أو الإشارة أو الفعل. فمتى تقدم الرجل للزواج علم بالضرورة للجميع الديمومة لأنها مقتضى الزواج الشرعي، فإن خالفت نيته ظاهر الأ/ر يكون قد أوحى لهم بخلاف حقيقة الأمر فيكون كذباً عليهم.
أما وجود الغش، فقد رددته بقياس فاسد لا يستقيم ورأي لا دليل عليه يخالف فطرة البشر ومقاصد الشريعة وعرف الناس جميعاً. ورداً عليه أقول:
النية يتعلق بها القبول والرفض وهو سابق للزواج وما صرح به فأبطل كره إضماره، وإضمار ما يبطل به الزواج إن صرح به معلوم للجميع أنه من أسباب الرفض التي لا يعقل أن يرضى بها أحد في يومنا اليوم. يا أهي ائئتني بعرف مجتمع واحد - سوي الفطرة - يقبل أن يزوج بنته إن علم أن الرجل سيطلق اينته بعد مدة!!
الأمثلى التي ضربتها_ قياس مع الفارق كما قلنا - فهي ليست متعلقة بأصل الزواج نفسه، كما أنّ أمثلتك تدخل في باب المعروف والعشرة وطاعة الزوج وما هو مباح والتصريح بمثل هذه النوايا لا يبطل العقود ولا يحرم إن صرح به، بل هي من المعلوم وجوده لا علاقة له بالنية الخبيثة!
وعليه فأثرهم على:
الفتاة: عدم الرضى من الزواج برجل هذه نيته. واسأل أي امرأة مسلمة في العالم، بل اسأل الكافرات والفاجرات أيضاً!!!!
الولي: لن يرضى رجل سوي الفطرة أن يبيع ابنته لشهوة رجل، فإن عدم الدين فلن يعدم الفطرة. كما لا يخفى نظرة الناس له، وابقاء ابنته بلا زواج في عصر كان الطلاق فيه عيباً تؤخذ بجريرته المرأة لا الرجل، ولو عومل الرجل بمثل هذا لما تجرأ أحد على القول بجواز هذه النية!!
عقد الزواج: هو باطل عند الحنابلة، وعند الجمهور إن صرح بها أبطل عقد زواجه، ويكفيك أن الجمهور ممن صحح عقد الزواج في حال الإضمار أنهم يروا حرمتها إن أظهرت فهل تظن أنهم سيبيحون ما حرم إظهاره!!
أقول: المستمسك بالأصل لا يطالب بالدليل، وأنا على الأصل: أن إضمار هذه النية غش وتغرير وخداع، والجميع على ذلك، فإن قلت بخلاف ذلك ائتنا بدليل أنه ليس غش أو تدليس أو حتى ائتنا يمجتمع سوي الفطرة يرضى بذلك لنفسه وبناته!!
نهاية: الى كل من سولت له نفسه استباحة أعراض المسلمات بالمتعة المقننة، أنقل هذه الفتوى:
منع المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الثامنة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 10 - 14/ 3/1427هـ الذي يوافقه 8 - 12/ 4/2006م هذا الزواج حين نظر في موضوع: (عقود النكاح المستحدثة) جاء ما يلي: " الزواج بنية الطلاق وهو: زواج توافرت فيه أركان النكاح وشروطه وأضمر الزوج في نفسه طلاق المرأة بعد مدة معلومة كعشرة أيام، أو مجهولة؛ كتعليق الزواج على إتمام دراسته أو تحقيق الغرض الذي قدم من أجله.
وهذا النوع من النكاح على الرغم من أن جماعة من العلماء أجازوه، إلا أن المجمع يرى منعه؛ لاشتماله على الغش والتدليس. إذ لو علمت المرأة أو وليها بذلك لم يقبلا هذا العقد. ولأنه يؤدي إلى مفاسد عظيمة وأضرار جسيمة تسيء إلى سمعة المسلمين"
¥