وبعد أن ولدت ونشأت وترعرعت في بيت الزعامة الكبرى للطائفة الشيعية ودرست وتأدبت على يد أكبر زعيم وقائد ديني عرف تاريخ التشيع منذ الغيبة الكبرى (1) وحتى هذا اليوم وهو جدنا الإمام السيد " أبو الحسن الموسوي " الذي قيل فيه: (أنسى من قبله واتعب من بعده) هو الإمام الراحل الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء رحمه الله.
في مثل هذه البيئة بك ما قيل ويقال في التشيع والشيعة وبكل الظروف والملابسات التي كانت تحكي عن الخلاف الطائفي بين الشيعة والسنة والذي دام قروناً وقروناً كنت أعيش آلام الخلافات المريرة بين الشيعة والفرق الإسلامية الأخرى وأشاهد عواقبها الوخيمة عن كثب في ظل خطوات جريئة وعزومة كان جدنا الإمام الأكبر يخطوها لتخطي الصعوبات في إرساء العلاقة الصحيحة بين الشيعة والسنة للوصول إلى الوحدة الكبرى بين الطائفتين التي كانت تصطدم بالسياسات الاستعمارية الحاكمة في العالم الإسلامي التي كانت تساندها عقول متحجرة وأناس متعصبون ومتاجرون بالطائفة البغيضة بدأت أدرك خطورة المهمة وقداستها في نفس الوقت.
وقد زادني إيماني بها عندما بدأت أعرف أن السبب في قتل والدي بين صلاة المغرب والعشاء في الحضرة العلوية في النجف الأشرف وعلى يد مجرم في لبوس رجل الدين الذي ذبحه كالكبش وهو يصلي في المحراب، إنما كانت خطة استعمارية لكي تثني السيد أبو الحسن عن خطواته الإصلاحية ولكن السيد أبو الحسن احتمل المصيبة صابراً محتسباً لله وضرب أروع الأمثال في تلقين المصلحين درساً لا زال التاريخ الشيعي لا ينساه ألا وهو العفو عن القاتل الذي قتل فلذة كبده وأعز الناس إلى قلبه وذلك ليثبت أن قلب المصلح لا تزلزله العواصف ولا تضعفه المصاعب ولا تتحكم فيه الأحقاد والثارات وأنه يبقى كالطود الشامخ يذود عن العقيدة التي يريد إرساءها في المجتمع ولدى الفرد.
وبعد كل هذا كان من الطبيعي أن تتكون لدي فكرة الانطلاق نحو تصحيح الشيعة في بعض عقائدها أو أعمالها ولا سيما تلك التي سببت الخلاف مع الفرق الإسلامية الأخرى والتي كانت بحد ذاتها تتناقض مع روح الإسلام والمنطق السليم وهي كما أعتقد كانت ولم تزل وبالاً على المذهب الشيعي حيث أدت إلى تشويه سمعته ومسخ معالمه في العالم الإسلامي بل وفي العالم كله.
واعتقد في الوقت نفسه أن سرد الأسباب لا يكفي لحل المعضلة فحسب بل لا بد من تقديم حلول عملية أطلب من الشيعة في كل أرجاء الأرض أن يلتزموا بها إذا أرادوا خير الدنيا والآخرة معاً، وقد وصلت إلى نتيجة حاسمة في تتبعي للخلاف بين الشيعة الإمامية والفرق الإسلامية الأخرى هو أن الخلاف بينهما ليس بسبب بعد رسول الله? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? أو أن الإمام علياً أولى بالخلافة من غيره، لأنني أرى الشيعة الزيدية وهي تؤلف طائفة كبيرة تربو على الملايين تعتقد بأحقية عليٍّ بالخلافة بعد الرسول الكريم ولكن الوئام والأخوة والمحبة يسود بينها وبين أهل السنة والجماعة.
فإذاً إن السبب الأساسي في الخلاف بين الشيعة الإمامية والفرق الإسلامية الأخرى ليس هو موضوع الخلافة بل هو موقف الشيعة من الخلفاء الراشدين وتجريحهم إياهم الأمر الذي لا نجده عند الشيعة الزيدية وبعض الفرق الأخرى ولو اكتفت الشيعة الإمامية بسلوك الزيدية لقلت الخلافات ولضاقت مساحة الشقاق ولكن الشيعة الإمامية وقعت في الخلفاء الراشدين تجريحاً وانتقاصاً فكانت الفتنة.
وقد كنت أدعو الله في آناء الليل وأطراف النهار أن يلهمني العلم والبصيرة ويمنحني القوة والتوفيق لآداء رسالة التصحيح التي كنت أصبو إليها منذ سنيِّ الشباب فكانت نتيجة تلك الدعوات الصالحات هي كتابي هذا " الشيعة والتصحيح: الصراع بين الشيعة والتشيع " الذي أقدمه اليوم إلى الشيعة في كل زمان ومكان.
إنه نداء للشيعة مبعثه الإيمان المطلق بالله وبرسالة الإسلام الخالدة وبقوة المسلمين وكرامة الإنسان، إنه نداء يدعو إلى الطرق الإصلاحية الكبرى لمحاولة إنهاء الخلاف الطائفي بين الشيعة والفرق الإسلامية الأخرى إلى الأبد وإلى أن تقوم الساعة، إناه صرخة لله ولاستيقاظ الشيعة من نوم عميق دام ألفاً ومائتي عام، إنها قصة الصراع المرير بين المسلمين حتى يومنا هذا، إنه نداء العقل والإيمان إلى الشيعة كي تنفض عن نفسها غبار السنين وتثور ثورة لا هوادة فيها ولا انتظار على تلك الزعامات المذهبية التي سببت لها هذا التخلف الكبير في الحياة الدينية والفكرية والاجتماعية وهكذا يدفعني اعتقادي وواجبي أن أوصي ملايين الشيعة وأؤكد عليهم قراءة هذا الكتاب (فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين) النمل 92 صدق الله العظيم.
المرجع
الشيعة والتصحيح للعلامة موسى الموسوي رحمه الله - (1/ 171)
ـ[أبو حسان السلفي]ــــــــ[08 - 03 - 09, 05:25 م]ـ
من تجربتي البسيطة لاحظت أن قليلا من الإخوة السنة من يحاور الرافضة بأدب
بل الغالب عليهم الاستهزاء بهم و السخرية و التنقص منهم
و قليل من الإخوة من يحاورهم بأدب
و قد كنت أستعمل هذا الأسلوب لمدة طويلة ثم غيرته لما تبين لي أنه أسلوب خاطيء
و قررت أن أستعمل الحوار العلمي الهاديء دون التعرض لشخص المحاور و دون تنقصه
بل جعلت قصدي هي هدايته إلى الحق أو على الأقل إقامة الحجة عليه
و قد نفع هذا الأسلوب في بعض حواراتي فرأيت الاستجابة من المحاور!!
و لكن الحق أن لكل مقام مقالا .. فهناك من ينبغي حواره باللين و هناك من يحتاج إلى الشدة
و لكن هذا لا يكون إلا للحكماء الذين يضعون الشيء في موضعه
و كمثال عملي للحوار الهاديء
ينظر كتاب الدكتور الغامدي: حوار هاديء مع الدكتور القزويني و هو موجود على النت
و لمزيد من التفصيل: يراجع كتاب: مشروعية الإغلاظ على الروافض ففيه تفصيل حسن
و الله أعلم
¥