ثالثا:- لم ينقل عن أحد المفسرين الموثوقين أنهم فسروا هذه الآية بما فسره بها الجفري، فيكون قوله هذا بدعة من القول لا مستدلة من القرآن ولا من السنة ولا من أقوال سلف هذه الأمة. وقول الجفري: (فهذه أصول فتحت للتقرب إلى الله ... إلخ كلامه) والسؤال يطرح نفسه هنا، ما هذه الأصول؟ هل هي من كتاب الله وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ ثم من فتحها هل هو الله أم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الذي أغلقها حتى تفتح؟؟!
أعجب كل العجب من رجل كالجفري يهرف بما لا يعرف!! يقول الله تبارك وتعالى: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) الشورى:21 فالآية دالة على أن من ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله، أو أوجبه بقوله أو فعله، من غير أن يشرعه الله: فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله. ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكا لله. شرع له من الدين ما لم يأذن به الله. فهل ما يدعو إليه الجفري من إقامة الموالد أصل من أصول الدين، فنحن نطالبه بنص من القرآن الكريم أو السنة الصحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم. ودون ذلك ودون ذلك خرط القتاد. وعليه فما بني على باطل فهو باطل.
قال الجفري [أيضا نصلي عليه في الموالد وبعد الصلاة عليه تأتي السيرة النبوية ..... إلخ كلامه]
ونقول: أولا:- إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة في كل وقت ولا شك في ذلك لكن تخصيصها في المولد بدعة مردودة. وقد تقدم الإشارة لمثل ذلك فيما سبق.
ثانيا: النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته بالاحتفال بمولده ولم يأمرهم بذكر مولده وشمائله ومعجزاته وسيرته وخصائله الكريمة في ليلة المولد بخصوصها، بل هذا من البدع التي أحدثت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ستمائة سنة.
ثالثا:- معرفة مولد النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله ومعجزاته وسيرته وخصاله الكريمة متيسر لمن أراد الاطلاع على هذه الأمور ومعرفتها في أي وقت من الأوقات، ولا يتقيد ذلك بوقت معين وعلى هيئة اجتماعية مبتدعة، ومن يفعل ذلك فإنما هو سائر على طريقة سلطان إربل وما أحدثه من الاحتفال بالمولد واتخاذه عيدا يعتادون إقامته في كل عام.
رابعا: - أن الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم والتأسي به لا يتم إلا بتحقيق المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم والتمسك بسنته وتقديم هديه على هدي غيره فالإسلام مبني على أصلين عظيمين: أحدهما:- أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا.
الثاني: أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، لا نعبده بالأهواء والبدع. كما قال تعالى: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون، إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا) الجاثية:18،19 فليس لحد أن يعبد الله إلا بما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من واجب ومستحب ولا يعبده بالأمور المبتدعة.
قال الجفري: [أيضا يحدث في المولد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم. فعندما قال صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما اطرت النصارى عيسى بن مريم) أي لا تنظروا بمنظارهم حيث قالوا: المسيح ابن الله، ثالث ثلاثة، المسيح هو الله. أما أن نمدحه فهذا لا شيء فيه بل أجاز ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، من الذي أعطى كعب بن زهير البردة؟ أوليس الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال:
إن الرسول نور يستضاء به وصارم من سيوف الله مسلول
فألقى الرسول صلى الله عليه وسلم البردة.]
ونقول مدح الرسول صلى الله عليه وسلم بما هو أهله لا معارضة فيه فقد قال صلى الله عليه وسلم لمن قال له: أنت سيدنا. فقال السيد الله فقلنا وأفضلنا فضلا، وأعظمنا طولا، فقال: قولوا بقولكم، أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان) رواه أحمد وأبو داود لكن المعارضة في تفسير الجفري لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم فقد جاء بهذا المعنى من عند نفسه ليتخلص مما يفعله وأتباعه في تلك الموالد ومعنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تطروني ..... الحديث) الإطراء هو مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه، فلا يغالى في مدحه كما غلت النصارى في عيسى عليه السلام فادعوا فيه الألهية وإنما يوصف - صلى الله عليه وسلم - بالعبودية كما وصفه ربه تبارك وتعالى فنقول عبد الله ورسوله. لكن أرباب الموالد أبوا ذلك
¥