تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانيا: القول بصحة الحديث فقد ورد في الحديث الذي استدل به الجفري _ ثم دخل عمر فألقت الدف تحت أستها ثم قعدت عليه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف) رواه أبو داود فالحديث مع ما فيه مختلف فيه كما ترى. فمنهم من أجاز ومنهم من منع والمانعون من استخدام الدف يخصون مثل ذلك من عموم الأدلة الدالة على الجواز ويقولون أن استعمال الضرب بالدف مأذون فيه في مواطن منها: في العرسات: وهو من قبيل إعلان النكاح لا التلذذ بسماعه ومنها في الأعياد: وهو خاص بالجواري وأن يكن من غير المغنيات ومن ذلك أيضا عند القدوم من الغيبة التي هي محل النقاش هنا. ويقال أيضا: ورد في رواية الترمذي - رحمه الله - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: (إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا) فالرسول صلى الله عليه وسلم علق الضرب بالدف بالنذر، وأهل المولد يضربون بالدف دائما، ولم نسمع أن أهل المولد كلهم مطبقون على النذر بالضرب بالدف في الموالد، وكما يلاحظ من نص الحديث كراهية النبي صلى الله عليه وسلم للضرب بالدف في قوله (وإلا فلا) أي لا تضربي بالدف فأين أهل المولد من هذا.

ويقال أيضا: الضرب بالدف من الأمور المباحة التي ورد بها النص فهي من قبيل المباحات التي أباحها الشارع.

أما أهل المولد فإنهم يتعبدون الله بالضرب بالدف ويتقربون إلى الله بمثل هذا العمل، فالأصل في العبادات التوقيف وفي المباحات الحل ما لم يرد نص بالنهي عنه، والضرب بالدف من هذا القبيل.ثم تهجم الجفري على أئمة الدين في هذا العصر فقال: [اليوم ينكرون علينا هذا الشيء وهناك مناكر في الأمة لا أحد ينكر عليها، ملأ الناس الكلام عن المولد ولم نسمع كلام عن الربا]

ونقول أخطأت يا جفري بزعمك هذا، فالعلماء ولله الحمد متوافدون بين المسلمين ممن عرف بالدين والعلم والاستقامة على شرع الله الموثوق بهم، فهذه فتاواهم وأشرطتهم وكتبهم تعلن صراحة بحرمة الربا وتبين للأمة أنه محرم وكبيرة من كبائر الذنوب وأن من فعله فهو محارب لله تعالى ... وأما كون الجفري لم يسمع من ينكره فهذا راجع للجفري وحده لا يجوز له تعميم ذلك على الأمة، فليس لأحد كائنا من كان أن يجهل علما بين المسلمين ثم يدعي جهل الآخرين له.

قال الجفري [أيضا يوجد في الموالد الدعاء، والقيام فرحا بخير الأنام صلى الله عليه وسلم، وألف النووي فيه إثبات صحة القيام لأهل الفضل، ويذكر الناس أن هذا العمل الذي نقوم به بدعة. فلم يقوم الصحابة بمثل هذا العمل من الترتيب، فنقول: لم يكن الصحابة عندهم حفل تخرج لحفظة القرآن الكريم، فلم يفعلوا مثل هذه الاحتفالات، لم يكن عند الصحابة جامعات إسلامية]

ونقول قول الجفري هذا يحتاج لوقفات:

الأولى:- قوله [يوجد في المولد الدعاء] تخصيص الدعاء في المولد من البدع فالله تعالى شرع لعباده الدعاء في كل وقت ولم يحدده بوقت معين قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) غافر:60، وقال: (ادعوا ربكم تضرعا وخفيه) الأعراف:55 وغيرها من الآيات الدالة على عموم دعاء رب العالمين في كل وقت.

الثانية:- قوله (القيام فرحا لسيد الأنام صلى الله عليه وسلم) وهذه من المحدثات في الدين الداخلة في عموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم (وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلاله) وقوله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن القيام له وأخبر أن ذلك من فعل الأعاجم قال أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه - خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئا على عصا، فقمنا إليه فقال: (لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضا وعن أنس - رضي الله عنه - قال: (ما كان شخص أحب إليهم من النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك) فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد كره القيام له ونهى عنه وأخبر أنه من فعل الأعاجم فكيف بالقيام عند ذكر ولادته وخروجه من الدنيا، فهذا أولى بالنهي لجمعه بين البدعة والتشبه بالأعاجم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير