تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أما نحن فلنا مانتعبد به في شهر الله المحرم!]

ـ[القاسمي]ــــــــ[04 - 03 - 03, 10:57 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله وبعد,

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" رواه مسلم (1163) والنسائي (1612) والترمذي (436) وأبوداود (2426) وابن ماجه (1742).

فقه الحديث:

قال أبوجعفر الطحاوي-رحمه الله-"صوم المحرم أفضل الأوقات التي يصام فيها التطوع" (تحفة الأخيار بترتيب مشكل الاثار 3/ 33).وقال ابن هبيرة-رحمه الله-:"في هذا الحديث مايدل على فضيلة شهر المحرم من حيث أنه أول العام فيستقبله بالعبادة" (الافصاح عن معاني الصحاح 8/ 216).وقال الامام النووي-رحمه الله-عن الحديث أن فيه"تصريح بأنه أفضل الشهور للصوم وقد سبق الجواب عن اكثار النبي عليه الصلاة والسلام من صوم شعبان دون المحرم وذكرنا فيه جوابين أحدهما: لعله انما علم فضله في اخر حياته والثاني: لعله كان يعرض فيه أعذار من سفر أومرض أوغيرهما (شرح مسلم للنووي4/ 312).وقال المباركفوري-رحمه الله-:"قال الطيبي: أراد بصيام شهر الله المحرم يوم عاشوراء. قال القاري: الظاهر أن المراد جميع شهر المحرم ... قلت: الأمركماقال القاري" (تحفة الأحوذي2/ 425).

فوائد الحديث:

1) قال الحافظ-رحمه الله-"قال أئمتنا: أفضل الأشهر لصوم التطوع المحرم ثم بقية الحرم رجب وذي الحجة وذي القعدة" (مرقاة المفاتيح 4/ 534).

2) قال ابن قاسم-رحمه الله-في حاشية الروض المربع:"أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم أي: أفضل شهر تطوع به كاملا" (3/ 449).

3) قال القرطبي-رحمه الله-:"هذا-أي الفضل -انما كان -والله تعالى أعلم-من أجل أن المحرم أول السنة المستأنفة التي لم يجئ بعد رمضانها فكان استفتاحها بالصوم الذي هو من أفضل الأعمال والذي أخبر عنه صلى الله عليه وسلم بأنه ضياء فاءذا استفتح سنته بالضياء مشى فيه بقيتها (المفهم3/ 235) وهذا يشبه قول ابن هبيرة-رحمه الله-في أن المسلم يبدأ سنته بالصيام كما يبدأ يومه بالذكر (الافصاح8/ 216).

4) قال الطحاوي-رحمه الله-:"صوم المحرم أفضل الأوقات التي يصام فيها التطوع وكان صوما خاصا في وقت من الدهر خاصة وكان صوم يوم وافطار يوم صوما دائما" (تحفة الأخيار 3/ 33).

5) نقل ابن الجوزي-رحمه الله-في كشف المشكل عن أبي عبيد قوله:"انما نسبه الى الله-عزوجل-أي الشهر والشهور كلها له-لتشريفه وتعظيمه (3/ 597).وذكر السيوطي-رحمه الله-فيما نقله عن الجمهرة بأن هذا "الاسم اسلامي دون سائر الشهور" (الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج3/ 251).

6) ذكر ابن هبيرة-رحمه الله-مناسبة كون المحرم أفضل صياما بعد رمضان وذلك لتحريم القتال فيه اذ أن الصوم زمن القتال ربما أضعف المجاهدين (الافصاح8/ 217).

لطائف:

1) في الحديث اشارة الى أن توطين النفس اذا استأنفت أو انشأت عمل شيء جديد كان من حسن التوطين أن يكون على الصبر وان لحقت النفس شيء من المشقة كجوع الصيام وسهر القيام فاءن ذلك أدعى لاستمرارها على الجادة والاستقامة ألاترى أن المسلم اذا بدأ عامه بهذه العبادات كانت له باعثا لغيرها باءذن الله. ومن نظائره: أن يبدأ المسلم يومه بصلاة الصبح فيكون في حفظ الله وكذا أن يبدأ بأذكار الصباح والمساء وفي معناه القادم من الحج المبرور فاءنه يعود-ان تقبل عمله-كيوم ولدته أمه فيبدأ بذلك حياة جديدة وأيضا من غفر له ذنبه اذا قام رمضان ايمانا واحتسابا فيبدأ بعد رمضان بعمل جديد مع ما في قلبه من حرارة الصيام وجلد القيام ومثله أيضا التائب من الذنب كمن لا ذنب له فيبدأ عملا جديدا فحري به والحال هذه أن يتبع الحسنة السيئة بنفس يحرقها عود الندم حتى تسري رائحة أعماله الجديدة الزكية بقية عمره ويقاس عليه أيضا تربية الطفل منذ نعومة أظفاره على الجد والاستقامة ومن شب على شئ شاب عليه ومن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة. وهذا كله من مداراة النفس وتربيتها.

2) وفيه أن النداب الى الصيام محل لتخلية البدن عما يشوش عليها ويثنيها عن الاجتهاد في طاعة الرحمن وكلما خف البدن عما لا حاجة له به سهل عليه القيام بالطاعات لاسيما قيام الليل الذي فيه تحلية البدن والروح بأنواع من العبادات القلبية والبدنية فمثل القلبية الاخلاص عند القيام للصلاة في جوف الليل والرغبة والرهبة والمحبة وغيرها والعبادات البدنية كالوضوء والصلاة والقيام والركوع والسجود وغيرها.

فتحصل بذلك أن الحديث جمع بين التخلية وهي في الصيام والتحلية وهي في القيام.

3) اجتمع في الحديث الندب الى حبس النفس من الاكثار من شهوتي الطعام والنوم ومن تأمل فيمن تمرغ في هاتين الشهوتين وأفرط فيهما وجد أنه ممن تخلف عن ركب السابقين.

4) وفي الحديث رد على من استحسن الاحتفال بقدوم السنة الهجرية بهيئات بدعية اذ أن الحديث يبين مايبدأ به المسلم سنته الجديدة فضلا على من كانت عبادته في هذا الشهر ضرب الصدور وهجيراه وذكره السباب والشتام.

لذا فاءني أدعو نفسي واخوتي ممن اصطبغ بالسنة المطهرة أن يحيوا هذه السنة التي غفل عنها كثير من اخواننا المسلمين وذلك بالعمل بها من جهة ونشرها وتعليمها من جهة أخرى. والله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير