انظر: كتاب (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) صفحة: (39).
السلفية النجدية ..
ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[07 - 04 - 09, 05:46 ص]ـ
الله الرحمن الرحيم ..
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((بلغوا عني ولو آية)) رواه البخاري في الجامع الصحيح رقم: (3461).
* * * * * *
بينما أقرأ كتاب من كتب العلامة الشيخ: (محمد بن صالح العثيمين) - رحمه الله - فإذا بحديث يصادفني جعلني أقف عنده لحظات وأفكر بأمره ولسان حالي يقول: ((كيف يكون هذا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - والله تعالى قال وقوله الحق: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ .... } يس69))؟!
خاصة أن هذا الحديث في ((صحيح البخاري ومسلم))؟؟ فالشيخ - رحمه الله - في الكتاب الذي قرأته لم يتطرق لشرحه، فذهبت إلى كتاب أشمل منه وهو: ((شرح النووي على صحيح مسلم، جزء 6، صفحة 353 - 354)) ففتح الله - عز وجل - علي حتى وفقني للحصول على الأحاديث وشرحها، فجمعت بين كلامه - سبحانه - وكلام رسوله - صلوات ربي وسلامه عليه - فلله الحمد والمنة ..
شرح الحديث: ((قوله صلى الله عليه وسلم " أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب " قال القاضي عياض: قال المازري: أنكر بعض الناس كون الرجز شعرا لوقوعه من النبي صلى الله عليه وسلم مع قوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ ... } وهذا مذهب الأخفش، واحتج به على فساد مذهب الخليل في أنه شعر، وأجابوا عن هذا بأن الشعر هو ما قصد إليه، واعتمد الإنسان أن يوقعه موزونا مقفى يقصده إلى القافية، ويقع في ألفاظ العامة كثير من الألفاظ الموزونة، ولا يقول أحد إنها شعر، ولا صاحبها شاعر، وهكذا الجواب عما في القرآن من الموزون كقوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} آل عمران 92، وقوله تعالى: {نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} الصف13، ولا شك أن هذا لا يسميه أحد من العرب شعراً، لأنه لم تقصد تقفيته وجعله شعرا، (12/ 119) قال: وقد غفل بعض الناس عن هذا القول فأوقعه ذلك في أن قال الرواية (أنا النبي لا كذب) بفتح الباء، حرصاً منه على أن يفسد الروي، فيستغني عن الاعتذار، وإنما الرواية بإسكان الباء، هذا كلام القاضي عن المازري.
قلت: وقد قال الإمام أبو القاسم علي بن أبي جعفر بن علي السعدي الصقلي، المعروف بابن القطاع في كتابه (الشافي في علم القوافي): قد رأى قوم منهم الأخفش وهو شيخ هذه الصناعة بعد الخليل، أن مشطور الرجز ومنهوكه ليسا بشعر، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الله مولانا ولا مولى لكم))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((هل أنت إلا أصبع دميتِ وفي سبيل الله ما لقيتِ))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب)) وأشباه هذا. قال ابن القطاع: وهذا الذي زعمه الأخفش وغيره غلط بين، وذلك لأن الشاعر إنما سمي شاعراً لوجوه منها:
1 - أنه شعر القول، وقصده وأراده واهتدى إليه.
2 - وأتى به كلاماً موزوناً على طريقة العرب مقفى.
فإن خلا من هذه الأوصاف، أو بعضها لم يكن شعراً، ولا يكون قائله شاعراً، بدليل أنه لو قال كلاماً موزوناً على طريقة العرب، وقصد الشعر، أو أراده ولم يقفه، لم يسمَّ ذلك الكلام شعرا ولا قائله شاعراً بإجماع العلماء والشعراء، وكذا لو قفاه وقصد به الشعر، ولكن لم يأت به موزونا لم يكن شعراً، وكذا لو أتى به موزونا مقفى، لكن لم يقصد به الشعر لا يكون شعرا، ويدل عليه أن كثيرا من الناس يأتون بكلام موزون مقفى، غير أنهم ما قصدوه ولا أرادوه، ولا يسمّى شعراً، وإذا تفقد ذلك وجد كثيرا في كلام الناس، كما قال بعض السؤال: ((اختموا صلاتكم بالدعاء والصدقة)) وأمثال هذا كثيرة، فدل على أن الكلام الموزون لا يكون شعراً إلا بالشروط المذكورة، وهي القصد وغيره مما سبق، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد بكلامه ذلك الشعر ولا أراده، فلا يعد شعراً وإن كان موزوناً، والله أعلم. انتهى كلامه رحمه الله.
******
أما ما وجدته في كتاب ((فتح الباري بشرح صحيح البخاري، جزء 9، ص 429)) فهو مقارب جدا لما ذكر آنفا ..
(قوله: " أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب " قال ابن التين: كان بعض أهل العلم يقوله بفتح الباء من قوله: (لا كذب) ليخرجه عن الوزن، وقد أجيب عن مقالته – صلى الله عليه وسلم – هذا الرجز بأجوبة:
أحدهما: أنه نظم غيره، وأنه كان فيه: (أنت النبي لا كذب أنت ابن عبد المطلب)، فذكره بلفظ (أنا) في الموضعين.
ثانيها: أن هذا رجز وليس من أقسام الشعر، وهذا مردود.
ثالثها: أنه لا يكون شعراً حتى يتم قطعة، وهذه كلمات يسيرة ولا تسمى شعراً.
رابعها: أنه خرج موزوناً ولم يقصد به الشعر، وهذا أعدل الأجوبة، وقد تقدم هذا المعنى في غير هذا المكان، ويأتي تاماً في كتاب الأدب {1}) انتهى كلامه رحمه الله.
هذا، ونسأل المولى عز وجل أن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح ويرزقنا الإخلاص بهما إنه قريب مجيب وهو الموفق وعليه التكلان ..
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
{1} (14/ 6)، كتاب الأدب، باب 90، ح 6146.
وكتبته: السلفية النجدية
¥