تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رؤية (قد تكون) جديدة في المعازف والموسيقى]

ـ[أحمد بن صالح الزهراني]ــــــــ[21 - 03 - 09, 01:52 ص]ـ

ما الحكمة من تحريم الموسيقى؟

ما أكثر ما يتردد هذا السؤال على ألسنة الناس، بل ربّما لا يوجد أكثر شيوعا من هذا السؤال بالنسبة للأمور الّتي يُنهى عنها الناس.

ولقد أسفت كثيرا من تلاعب بعض من كتب في هذه المسألة بهذا السؤال لأجل القول بالإباحة!

وهذا يدل على أمرين مهمين:

الأوّل: مصداق قوله صلّى الله عليه وسلّم بشيوع المعازف حتى تصبح من الحلال في عرف أكثر الناس.

الثاني: عظم تأثير الموسيقى (المعازف) في أصحابها عازفين ومستمعين، فإنّها تستولي عليهم وتتخلّل مجاري أنفاسهم حتّى يصبح الرجل على دينه وقربه من ربّه يحتار بين طاعة ربه من خلال ما يسمعه من العلماء من تحريمها إلاّ في مناسبات محدودة وبين الاستجابة للغريزة الطبيعية الّتي تخسر معركتها أمام سلطان الموسيقى.

أوّل ما يجب الإشارة إليه في هذه المسألة، أنّ منهج المؤمنين الّذي أثنى الله به عليهم هو الاستجابة المطلقة لأمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم دون تعلل ولا تردد، قال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وقال على لسانهم: {وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} وقال محذرا: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً}.

وهذا لا يعني أنّ الأحكام الشرعية ليست لها حكم وغايات، لكن لا يجب على الله أن يبين للناس حكمة كل تشريع، بل إنّ إخفاء الحكمة من التشريع هي نوع من الابتلاء والاختبار على الطاعة، فالمؤمن لا يشترط لطاعة ربّه أن يعلم حكمته وغايته من كلّ أمر ونهي، أمّا المنافق والكافر فكما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ} فكثرة السؤال والاستفهام عن حكم وعلل أفعال الله تعالى وتشريعاته ليست من سيما المؤمنين.

ومع هذا فإنّ العلماء ذكروا لذلك حكما أخذوا بعضها من ظاهر حال أهل الغناء والطرب وعادة استعمالاته، كقولهم إنّ الغناء بريد الزنا، قولهم إنّه يهيج إلى الفاحشة، وقال بعضهم إنّه صوت الشيطان ومزموره، وقال بعضهم إنّها تصد عن ذكر الله وعن القرآن، وأشياء أخرى أنا على يقين أنّ كلّ محبّ للموسيقى لديه إشكال في قبوله كعلة تحريم وحكمة نهي.

كما أنبه إلى أنّ بعض من تكلم في هذا الجانب خلط القول في الغناء بالموسيقى، فيتكلم عن المغنّيين وأحوالهم أو أن الأغاني فيها دعوة للباطل وغير ذلك، لكن الكلام هنا عن شيء محدد وهو أصوات الموسيقى أي المعازف وحدها بدون غناء ولا كلام وهذا فن مستقل بذاته ودارج بكثرة في البرامج والأفلام والمسلسلات فإذا انضاف إلى الكلام فهذا يزيد الأمر شدّة.

أريد اليوم أن ألقي عليكم شيئا ربما يكون جديدا، ألا وهو علاقة تحريم الموسيقى بالتوحيد، نعم التوحيد وإخلاص العبادة لله تعالى، بل مبدأ العبودية بكلّ عظمته هو المنطلق الأكبر والقاعدة العظمى التي تشكّل منها الحكم بتحريم ليس الموسيقى فحسب بل كثير من المحرمات.

الآن أريدك أن تتأمّل ما يلي:

خلق الله الخلق أحراراً من أي عبودية إلاّ عبوديّتهم لله تعالى، ثمّ حصل الانحراف فأشرك الناس بالله تعالى وعبدوا غير الله.

أرسل الله الرسل ليخرجوا الناس من عبادة غير الله إلى عبادته سبحانه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير