تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمادامت رخصة الصلاة في الرحال أي البيوت ثابتة، فلِمَ يحرص الناس على رخصة مشكوك فيها ويتركون الرخصة الأسهل والأثبت والتي هي أمر مباشر من رسول الله r .

5 ـ وكل هذا يؤكد عدم معرفة جمع التقديم في الحضر بعذر المطر أصلاً، ويؤكد هذا أن سنته الثابتة عنه r حتى في السفر: الجمع تأخيراً أو الجمع الصوري، ولم يثبت قط جمع التقديم في سفره إلا في عرفة والدليل على ذلك:

1ـ حديث أنس أن النبي r كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخّر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل يجمع بينهما، فإذا زاغت قبل أن يرتحل صلى الظهر، ثم ركب. متفق عليه (خ 1060 و1061) وقال البخاري:» باب: يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس «، ثم قال:» باب: إذا ارتحل بعد ما زاغت الشمس صلى الظهر ثم ركب «وكذا أخرجه مسلم (704) وله عدة روايات كلها تنص نصاً على جمع التأخير فلتنظر، فلم يذكر هذا الحديث جمع التقديم، وهو أصح حديث في الباب. فهذه سنته الثابتة في السفر، فمن باب أولى أن لا يقدم الصلاة على وقتها في الحضر.

2 ـ ومما يؤكد أن سنته الثابتة جمع التأخير فحسب حتى في السفر: حديث معاذ: خرجنا مع رسول الله عام غزوة تبوك فكان يجمع الصلاة، فصلى الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً، حتى إذا كان يوماً أخّر الصلاة، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً، ثم دخل ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعاً … أخرجه مالك (1/ 143) وأحمد (5/ 128) ومسلمرقم 706 (كتاب الفضائل، باب في معجزات النبي r ) ، هكذا رواه جمعٌ: مالك وقرة بن خالد وسفيان بن عيينة وهشام بن سعد وزهير بن محمد التميمي كلهم عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ.

وواضح أنه فسر لنا الجمع أنه جمع تأخير، ولم يصرح بجمع التقديم أبداً، وشذ قتيبة بن سعيد فرواه عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ بلفظ:» إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى أن يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعاً، وإذا ارتحل بعد زيع الشمس عجل العصر إلى الظهر … «أخرجه أبو داود 1220، فهذه الزيادة الأخيرة شذ بها قتيبة، ونقدها أهل الحديث، قال أبو داود: لم يرو هذا الحديث إلا قتيبة وحده، وقال الترمذي (حديث رقم 553):» حديث معاذ حسن غريب تفرد به قتيبة، لا نعرف أحداً رواه عن الليث غيره، وحديث الليث عن يزيد عن أبي الطفيل عن معاذ غريب، والمعروف عند أهل العلم حديث معاذ من حديث أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ … «اهـ من الترمذي 2/ 440، أي أن الحديث المعروف هو باللفظ السابق الذي ذكر جمع التأخير فقط، وقال الخطيب البغدادي عن رواية قتيبة: وهو منكر جداً من حديثه (تهذيب الكمال 23/ 535 - 536)، وقال أبو داود: حديث منكر وليس في جمع التقديم حديث قائم (نقلها ابن حجر في تلخيص الحبير 2/ 49).

3 ـ ومما يؤكد أنهم لم يكونوا يعرفون إلا جمع التأخير الصوري: حديث ابن عمر أنه استُغيث على بعض أهله، فجد به السير، فأخّر المغرب حتى غاب الشفق، ثم نزل، فجمع بينهما ثم أخبرهم أن رسول الله r كان يفعل ذلك إذا جدّ به السير، أخرجه البخاري 1058 ومسلم 703 والترمذي 555 وأبو داود 1217.

4 ـ ويؤكده حديث ابن مسعود: (عند البخاري 1598 كتاب الحج باب متى يصلي الفجر بجمع، ومسلم 1289):» ما رأيت رسول الله صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين: جمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة، وصلى الفجر قبل ميقاتها «، وفي رواية النسائي 5/ 254 وإسناده صحيح:» كان رسول الله r يصلي الصلاة لوقتها إلا بجمع [أي مزدلفة] وعرفات «، ولا يقال إن ابن مسعود لم يطّلع، فإنه كان طويل الصحبة لرسول الله r ، وكان من أفقه الصحابة وأعلمهم بسنة رسول الله r ، وأما قوله:» وصلى الفجر قبل ميقاتها «، يبينه رواية ابن خزيمة رقم 2854:» … وصلى الفجر قبل وقتها بغلس «أي قبل الوقت الذي كان يصليها فيه عادة وهو الإسفار، وليس مقصوده تقديمها عن وقت الفجر.

ـ وقد يورد البعض أحاديث تفيد جمع التقديم في السفر، لكنه لم يثبت منها شيء على التحقيق، منها: حديث عن ابن عباس أخرجه عبد الرزاق وأحمد، وفي سنده حسين بن عبد الله بن عبيد الله: ضعيف له مناكير، وقال النسائي: متروك الحديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير