[الموقف الشرعي في التعامل مع الإشاعة "قضية اللعب مثال"]
ـ[أبو عبدالله القضاعي]ــــــــ[26 - 03 - 09, 01:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
اخوتي الكل منا علم وسمع وقرأ قضية الساعة في هذين اليومين وهي قضية اللاعب المشهور وحقيقة القبض عليه ..
ولن اتكلم هنا صحتها او تلفيقها
بل سأتكلم عن موقف الشرع من مثل هذه الامور
فاقول مستعينا بالله:
1 - الاصل في المسلم الحرمة بمعنى يحرم الخوض في عرضه
يقول النبي الكريم -- "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" رواه مسلم والترمذي وابو داود وغيرهم
2 - الأصل في المسلم السلامة من الأدناس؛لأنه ملزم شرعا بتطبيق الدين تطبيقا سليما ولاتصح التهمة إلا بطريقين شرعيين
أ- الإقرار وقد نص الفقهاء على هذا الأمر والأصل فيه حديت ماعز والغامدية وغيرهما
وقد اختلف في الاقرار هل يكون مرة او أربعا على خلاف بين أهل العلم
وإذا نفى اقراره فإنه يقر على نفيه كما نص الحنابلة وغيرهم .. انظر المغني والزاد وغيرها
ب- ثبوت البينة
والبينة هنا تختلف من حكم وحكم ففي شرب الخمر يكتفى بشاهدين وليس اي شاهدين بل لابد من
توافر شروط فيهم حددها الشارع وقد حددها الفقهاء في كتبهم وليس هذا مقام تفصيلها
وفي الزنا لابد من اربعة شهود عدول يصفون الرؤية "الميل في المكحلة" والا حدوا حد القذف ويدرأ حد القذف عن الزوجين باللعان.
3 - الأصل في الإخبار وما يتناقله الإعلام من الإتهام للناس الكذب
يقول الله جل وعز "يا أيها الذين امنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"
4 - التعامل الشرعي في حال خوض الناس قد بينه الله تعالى في كتابه
فقال تعالى " لولاء إذ سمعتموه ظن المؤمنون
والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين"
وقال عز و جل " ولولاء إذ سمعتموه قلتم مايكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم"
فدلت الآية الأولى على منقبة لأبي أيوب الأنصاري وزوجه رضي الله عنهما حينما أمسكا عن الخوض في حادثة الإفك
والآية الثانية دلت على مشروعية الإنكار على من يشيع حتى يثبت بالبينة والبراهين صحة دعواه.
5 - في حال ثبوت التهمة على شخص معين فلا يجوز سب الشخص أو لعنه او التشمت به
يقول النبي الكريم - - كما في الصحيحين وغيرهما" فليقم عليها الحد ولايثرب" ولحديث الجهنية لما سبها خالد
فقال له "مهلا .. لقد تابت ... "
وقال ايضا للصحابة " لاتكونوا أعوانا للشيطان على أخيكم" حديث صحيح انظر الصحيحة 4/ 182
ولا يجوز التشمت بالمسلم لأنه من الخوض في عرضه بغير حق ولا يجوز تعيره بالذنب للحديث السابق ولحديث
ولحديث ابي ذر في قصة الذي عيره بأمه ونكيره عليه بقوله " إنك امرؤ فيك جاهلية " رواه البخاري وغيره
6 - يجب على المسلمين ستر بعضهم ولو رأه متلبسا بجرم مشهود وخصوصا إن كان في ستره صلاح لقلبه والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
7 - أخوكم ولو ثبت اتهامه بهذا الامر فليس تأديبه من صلاحيات الأفراد بل للإنسان رب يحاسب وللناس ولي أمر يشد على يد المسيء.
8 - أخشى والله على هؤلاء الخائضين من الدخول تحت وعيد الله في غير ما آية في كتابه
" إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والأخرة والله يعلم وأنتم لاتعلمون"
وتحت قوله تعالى
" والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا"
9 - تذكير بحديث عظيم ورد عند احمد والترمذي ووالنسائي وابن ماجه بسند صحيح وصححه الألباني في
وصية النبي الكريم لمعاذ
فعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني عن النار
قال: "لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله -تعالى- عليه
تعبد الله ولا تشرك به شيئا
وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت
ثم قال رسول الله --: ألا أدلك على أبواب الخير؟
الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا قوله -تعالى-: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ حتى بلغ: يَعْمَلُونَ
ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله
قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله،
ثم قال:
ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله. فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا. قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"
10 - وصيتي لمن خاض بغير علم وقذف بلا بينة وطالب بلا موجب
أن يتقوا الله تعالى وأن يتذكروا ذلك اليوم الذي يقتص الله فيه للمظلوم من الظالم وللمسبوب من الساب
وأن يطلبوا السماح قبل ذلك اليوم المهول الذي تشيب منه مفارق الولدان وتذهل فيه الأم عن ولدها ويفزع الناس فزعا عظيما
فيحق الله الحق ويأخذ بالعدل وهو شديد العقاب
وصيتي لهم أن يستغفروا للمؤمنين والمؤمنات ولمن خاضوا في عرضه ولعله يكون كفارة لهذا الذنب المشؤوم
والجرم العظيم في حق أخيهم المسكين ..
هذا والله الموفق لنا لطريق الخير والمنجي من الفتن والآخذ بأيدينا في المضائق سبحانه وتعالى عن كل منقصة
وزلل
والله أعلم
وكتبه
أبو عبد الله القضاعي
الرياض المأنوس
¥