وقد يناقش هذا الإستدلال بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجلس لأجل أن يأتيه الناس فيعزوه، ولهذا بوب البخاري على هذا الحديث بقوله (باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن.
والحديث. أخرجه البخاري 1299 ومسلم 935 وأبو داود 3122 بلفظ جلس في المسجد.
2 - وعنها أيضاً رضي الله عنها أنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع لذلك النساء ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت ثم صنع ثريد فصبت التلبينة عليها ثم قالت كلن منها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن.
أخرجه البخاري 5417 ومسلم 2216
فإن ظاهره يدل على الجلوس للتعزية، لقولها فاجتمع لذلك النساء ثم تفرقن.
3 - أن الجلوس للتعزية يتحقق به المقصود من التعزية فإن الناس قد تفرقوا و تباعدت الأحياء والمساكن وكثرت الأعمال بخلاف ما كانوا عليه في الزمان الماضي، فلو لم يحصل الجلوس فاتت التعزية التي حث عليها الشرع.
يقول الشيخ محمد المنبجي (ت 785) رحمه الله (إن كان الاجتماع فيه موعظة للمعزى بالصبر والرضا وحصل له من الهيئة الاجتماعية تسلية بتذاكرهم آيات الصبر و أحاديث الصبر والرضا فلا بأس بالاجتماع على هذه الصفة فإن التعزية سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ) ويقول الشيخ ابن باز: لا أعلم بأساً في حق من نزلت به مصيبة بموت قريبه أو زوجته ونحو ذلك أن يستقبل المعزين في بيته في الوقت المناسب لأن التعزية سنة واستقبال المعزين مما يعينهم على أداء السنة و إذا أكرمهم بالقهوة أو الشاي أو الطيب فكل ذلك حسن. انتهى من الفتاوى 13/ 373.
لكن هذا الجواز له ثلاثة شروط:
1 - ألا يكون في الإجتماع إسراف بإنارة البيت أو إقامة السرداقات أو استئجار المستراحات أو الإعلان بالصحف عن تحديد مكان الاجتماع للعزاء. فهذا كله محرم شرعاً.
2 - ألا يصنع أهل الميت للمعزين طعاماً لأن هذا خلاف السنة وما خالف السنة فهو بدعة.
3 - ألا يقترن بالجلوس جزع أو تسخط أو نياحة أو إحضار من يقرأ القرآن سواء كان بإجرة أو بدون إجرة.
والقول بالجواز قول قوي لما يترتب عليه من المصالح بالشروط المعتبرة و لأن بعض الإئمة رخص فيه وليس في المسألة نص صريح صحيح في المنع.
و أما حديث جابر فهو ضعيف وعلى فرض صحته فالظاهر أن المراد منه أن الاجتماع عند أهل الميت بعد دفنه و أكل الطعام نوع من النياحة وليس المراد المجيء لتعزيتهم مع المبادرة بالانصراف فإنه لا يعرف أن أحداً من السلف اعتبره من النياحة.
و أما قولهم إنه يجدد الحزن .. إلخ، فهذا فيه نظر فإن الملاحظ أن التعزية فيها مواساة للمصاب وتسلية له.
وأخيراً فإذا خلا العزاء من المخالفات وما شابهها فأي مانع من القول بجوازه؟ ولا سيما أنه يحقق فوائد متعددة وقد ورد في كتب السير والتراجم الجلوس للتعزية من علماء أجلاء من كبار المحدثين والفقهاء وهم أعلم منا بمعاني النصوص و أكثر إدراكاً لمقاصد الشريعة.]]
انتهى بتصرف يسير كتاب فقه الدليل شرح التسهيل ج3 ص42
المؤلف عبدالله الفوزان المدرس سابقاً في جامعة الإمام فرع القصيم
وقد أشار الشيخ إلى رسالة بعنوان (التجلية لحكم الجلوس للتعزية) تأليف أبي معاذ ظافر بن حسن آل جعبان.
ـ[أبو محمد عبد الله الحسن]ــــــــ[31 - 03 - 09, 02:29 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا،
إضافةٌ للفائدة:
السّؤال:
ما حكم الاجتماع عند أهل الميت وتحديد العزاء بثلاثة أيام وصنع الطعام وغير ذلك؟
الجواب:
لا نعلم شيئاً يدل على تحديد التعزية بثلاثة أيام، وأنه لا يعزى إلا في حدود ثلاثة أيام، بل يعزى ما دام العهد قريباً، ولو زاد على ثلاثة أيام، ولو وصل إلى أسبوع أو زاد على ذلك ما دام أن السلوان ما حصل، وما دام أن المصيبة والتأثر موجود.
أما عندما يحصل طول العهد والمصيبة قد خفت عن النفس فلا حاجة للتعزية، ولكن يدعى للميت ولا يقال: "أحسن الله عزاءكم"؛ لأن العزاء قد حصل، والسلوان قد وجد بطول المكث وبمضي المدة.
وأما صنع الطعام من أهل الميت فهذا لا يجوز، وإنما أهل الميت جاءهم ما يشغلهم، فالأصل أن يصنع لهم طعام ليأكلوه لأنهم مشغولون عن الطبخ ومشغولون عن القيام بهذا، فهذا هو الذي جاءت به السنة كما جاء في قصة جعفر قال: "اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإنهم جاءهم ما يشغلهم"، أما كونهم يصنعون الطعام، ويتكلفون، ويتجمع الناس من أجل الطعام كما يحصل في بعض البلاد من عمل سرادقات يتجمع فيها الناس للأكل فتكون مناسبة لمن يريد الأكل وتحصيله في هذه المناسبات، فهذا غير سائغ. اهـ
الشّيخ عبد المحسن العبّاد حفظه الله.
المصدر ( http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=view&fatwa_id=30611)
ـ[أبو عُمر يونس الأندلسي]ــــــــ[31 - 03 - 09, 02:35 ص]ـ
جزاكُم الله خيرا.
ـ[علي الكناني]ــــــــ[31 - 03 - 09, 06:20 م]ـ
في صحيح البخاري: عن عائشة رضي الله عنها
أنها كانت إذا مات الميت من أهلها، فاجتمع لذلك النساء، ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها، أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت، ثم صنع ثريد فصبت التلبينة عليها، ثم قالت: كلن منها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (التلبينة مجمة لفؤاد المريض، تذهب ببعض الحزن).
فعل عائشة دليل على مشروعية الجلوس للتعزية
¥