مثاله العرية و هي عبارة عن بيع الرطب على رؤوس النخل, و الأصل بيع الرطب بالتمر حرام لأن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن بيع التمر بالرطب فقال أينقص إذا جف؟ قالوا نعم فنهى عن ذلك
... ثم قال ... تجوز أن يشتري الرطب بالتمر للحاجة بشروط و ذكرها .. الخ
ثم قال مثال آخر الحرير على الرجال حرام لأنه وسيلة إلى أن يتخلق الرجل بأخلاق النساء من الليونة و الرقة و التشبه بالنساء حرام, فلما كان تحريمه تحريم وسيلة حاز عند الحاجة فإذا كان الإنسان فيه حكة يجوز أن يلبس الحرير من أجل أن تبرد الحكة لأن تحريمه تحريم وسائل" كتاب شرح نظم أصول الفقه و قواعده صفحة 64
2 - ان الشريعة لا تفرق بين المتماثلات و فيه ان الحرير يكاد يطابق الاسبال في جميع احكامه
الأوجه المشتركة بين مسألة الإسبال للرجال و لبس الحرير أو الذهب ثلاثة:
أ - فعلة النهي عند الجمهور في المسألة الإسبال هي الخيلاء أو أنه مظنة الخيلاء أو لمشابهته للباس أهل الخيلاء و النساء, و كذلك الأمر في لبس الحرير و الذهب للرجال
قال ابن القيم: "فإن الملابسة الظاهرة تسري إلى الباطن ولذلك حرم لبس الحرير والذهب على الذكور لما يكتسب القلب من الهيئة التي تكون لمن ذلك لبسه من النساء وأهل الفخر والخيلاء" إغاثة اللهفان
و في مسالة الحرير لا يقال انظر الى النية!
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " و إياك و الإسبال فإنها من المخيلة" و قال لأبي بكر "لست ممن يفعله خيلاء" لانه كان يفعله و لا يقصد التزين بل للحاجة و كان يتعاهده فلا يعد ممن يفعل الاسبال مخيلة و لا يظن به بل هو ممن فعله للحاجة. فد حديثه على ارتباط الاسبال بالخيلاء بجه معين و لكن لا ارتباط له بنية الخيلاء
ب - كما أن النهي خاص للرجال دون النساء, لحاجة النساء إلى التزين
ففي حديث علي رضي الله عنه قال " إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا فجعله في يمينه وأخذ ذهبا فجعله في شماله ثم قال إن هذين حرام على ذكور أمتي"
عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه قالت أم سلمة يا رسول الله فكيف تصنع النساء بذيولهن قال ترخينه شبرا قالت إذا تنكشف أقدامهن قال ترخينه ذراعا لا تزدن عليه
ج- و كذلك فلبس الحرير و الذهب و الإسبال يجوز للحاجة كما في الاحاديث التالية
عن أنس قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف وللزبير بن العوام في قمص الحرير في السفر من حكة كانت بهما
عن عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفا من ذهب
أخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه: (أنه كان يُسْبل إزاره) فقيل له في ذلك، فقال: (إني حَمْش الساقين (
و كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله يوم القيامة إليه))، فقال أبو بكر: يا رسول الله إن طرفي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال: ((يا أبابكر إنك لست ممن يفعله خيلاء ((
وحديث أبي بكرة في الصحيح:" خسفت الشمس ونحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام يجر ثوبه مستعجلا حتى أتى المسجد ... الحديث"
3 - القيد إذا خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له عند عامة الأصوليين
4 - كما ان ترك الاستفصال يشهد له كما كرت سابقا
5 - اغلب الاحاديث الواردة في الاسبال غير مقيدة بالخيلاء خلافا لمن زعم ان اغلبها مقيد و هذا يظهرلمن تتبع الفاظ الاحاديث
و جميع الاحاديث و هي تزيد عن العشرين تشهد لصحة هذا القول و لا يرد شيءمنها على هذا القول
و ملخص ما أردت بينه
ان تحريم الاسبال انما هو من باب تحريم الوسائل فيكون مجرد التزين به داخلا في التحريم انه يباح للحاجة
والتقييد بالخيلاء في الأحاديث إنما هو كالصفة الكاشفة أي هذا الوصف لازم وأنَّه لا يمكن أن يكون مخرجاً لغيره, و ليس لها مفهوم
و حديث جابر واضح في بيان أن الخيلاء وصف لازم للإسبال فان نص على إن الإسبال من الخيلاء, و أصحاب القول بالابحاة قالوا هذا الحديث ترده الضرورة. و لكن إن قيل بأن المعنى و إياك و الإسبال فان كل اسبال مظنة للمخيلة لما ردته الضرورة و لكان القول سالماً من المعارض. و المخيلة تحصل بأمور مثل المشي بطرا, و لبس الحرير و لبس الذهب و الإسبال ... و لعل كل فعل وحده يحصل دون نية المخيلة لكنهم كلهم من المخيلة و مظنة للمخيلة و تشبه بأهل المخيلة و من تشبه بقوم فهم منهم!
و على هذا فلا يشكل أي من الاحاديث و لحملنا المطلق على المقيد و لا يرد على قولنا بأنه محرم مطلق لذريعة الخيلاء اي حدث بخلاف من قال بالإباحة فيرد عليهم اغلب الاحاديث خاص حديث جابر حتى أنهم قالوا ترده الضرورة
و لعل في هذا القدر كفاية و اسال الله ان يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه
--- ان لم يشكل على ما سبق شيءدخلنا ف مسالة ارتباط الاسبال بالعرف---
و هنا يتبين عمق فهم الامام الاحمد و عجيب جمعه بين الأحاديث فرحمه الله تعالى
¥