(4) التوفيق بين حديثين في الهم بالسيئة ثم تركها: أحدهما فيه تكتب له حسنة، والآخر لا تكتب له.
السؤال:
وردت بعض النصوص الشرعية تدل على أن من هم بالسيئة ولم يعملها تكتب له حسنة، ونصوص أخرى: من هم بالسيئة ولم يعملها لا تكتب له. فكيف التوفيق؟
الجواب:
(الهم بالسيئة في الواقع له أقسام:
القسم الأول: أن يهم بالسيئة ويعمل لها ولكن يحال بينه وبينها، فهذا يكتب عليه وزرها، دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه).
القسم الثاني: أن يهم بها ثم يدعها لله عز وجل، فهذا تكتب له حسنة، لأنه في الحديث الذي أشرت إليه قال الله تعالى: (إنما تركها من جرّائي) أي: من أجلي.
القسم الثالث: أن يهم بها ثم يدعها لا خوفاً من الله ولا عجزا عنها، لكن طابت نفسه، فهذا لا له ولا عليه، فالميزان بالقسط، لأن الرجل لم يتركها لله حتى يؤجر ولم يحرص عليها حتى يأثم، فهذا لا شيء عليه وليس له شيء) اهـ.
(لقاء الباب المفتوح) شريط (153) ب.
(5) الجمع بين قوله تعالى (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم)، وقوله –صلى الله عليه وسلم- (وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله تعالى عنده حسنة كاملة).
السؤال: يقول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج:25]، ويقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى في آخر الحديث: (وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله تعالى عنده حسنة كاملة) كيف نجمع بين الآية والحديث؟
الجواب:
(الجمع بين الآية والحديث من أحد وجهين: الوجه الأول: أن قوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج:25] أي: من يهم فيفعل، لقول الله تبارك وتعالى في سورة الأنعام وهي مكية: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} [الأنعام:160] ولم يقل: ومَن هَمَّ، بل قال: وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ [الأنعام:160] فيكون المعنى: مَن يرد فيه بإلحاد بظلم ويفعل، وعلى هذا فلا تعارض.
الوجه الثاني: أن يقال: إن قوله: (ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة) هذا في غير مكة وتكون مكة مستثناة من ذلك، أي: أنه يؤاخذ الإنسان فيها بالهم، وفي غيرها لا يؤاخذ.
ولكن هنا نسأل: إذا هم بالسيئة وتركها، هل يؤجر على كل حال؟ لا. يؤجر إذا تركها لله، ولهذا جاء في تعليل هذا الحديث: (فإنه إنما تركها من جرائي) أي: من أجلي؛ لأن من هم بالسيئة ولم يعملها تختلف أحواله:
إذا هم بالسيئة فتركها لله عزَّ وجلَّ فإنه يُثاب، ولا سيما إذا كانت هذه السيئة تدعو إليها النفس دعوة شديدة فإنه يثاب أكثر، ولهذا جاء في الحديث: أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله) ترك المعصية مع قدرته عليها خوفاً من الله.
الثانية: أن يدع السيئة التي هَمَّ بها خجلاً من الناس لا خوفاً من الله، فهذا لا أجر له، بل قد يأثم على ذلك؛ لأن هذا الترك -أعني: ترك المعصية- عبادة، والعبادة لا تكون إلا لله.
الثالث: أن يدعها عجزاً عنها، فهذا يعاقب على نيته السيئة، ولا ينفعه عدم الفعل؛ لأنه غير قادر.
الرابع: أن يدعها عجزاً عنها مع فعل الوسائل التي توصل إليها، فهذا يُكْتَب عليه وزر الفاعل، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار! قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل، فما بال المقتول؟! قال: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه).
فترك المعصية ينقسم إلى أربعة أقسام:
الأول: أن يتركها خوفاً من الله، فهذا يؤجر.
الثاني: أن يتركها خوفاً من الناس، فهذا يأثم.
الثالث: أن يتركها عجزاً دون أن يفعل الوسائل التي توصل إليها، فهذا أيضاً يأثم بالنية.
الرابع: أن يتركها عجزاً مع فعل الوسائل التي توصل إليها؛ لكن لا يتحقق مراده، فهذا يكتب عليه إثم الفاعل.
أما مَن لم يهم بالسيئة، ولم تطرأ له على بال، فهذا ليس عليه إثم وليس له أجر) اهـ.
(لقاء الباب المفتوح) شريط (25) ب.
(6) التوفيق بين قوله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) و قول: إن جنس العرب أفضل من جنس العجم.
السؤال:
¥