تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

حديث أبي ذر -كما سمعتم- يدل دلالة ظاهرة على أن هذا القائل -أي: قائلَ: (لا إله إلا الله) - مؤمن حقاً؛ لكن سولت له نفسه ففعل بعض المعاصي، بل بعضَ الكبائر من الزنا والسرقة وغير ذلك.

وطريقُ أهل السنة والجماعة أن الإنسان المؤمن، وإن فعل الكبيرة مآله الجنة، وما قبل الجنة من العقوبة راجع إلى الله عزَّ وجلَّ، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، ودليل ذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48]، فصار جميع فاعلي المعاصي -وإن عَظُمَت- إذا كانت دون الكفر لا تمنع من دخول الجنة، فمآل فاعلها إلى الجنة؛ لكن قد يُعذَّب بما فعل من ذنب، وقد يغفر الله له، والأمر راجع إلى الله، {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48].

أما المنافقون، وأهل البدع المكفِّرة التي تكفِّرهم بدعُهم فإنهم حقيقة لم يقولوا: (لا إله إلا الله) بقلوبهم؛ لأن هذا الانحراف الذي أدى إلى الكفر ينافي الإخلاص، وقولُ: (لا إله إلا الله) لابد فيه من الإخلاص.

أما أن يقول: (لا إله إلا الله) وهو يعتقد أن لا رب ولا إله -والعياذ بالله- أو يعتقد أن مع الله إلهاً يدبر الكون، أو يعتقد -مثلاً- أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ارتدوا كلهم بعد موته، أو يعتقد أن أبا بكر و عمر ارتدا بعد موت الرسول عليه الصلاة والسلام، أو ما أشبه ذلك من البدع المكفِّرة، فهؤلاء لم يخلصوا في قول: (لا إله إلا الله)، فكانت بدعُهم هذه تنافي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من شهد أن لا إله إلا الله -أو من قال: (لا إله إلا الله) - دخل الجنة).

السائل: أمَا قال الرسول –صلى الله عليه وسلم-: من قال: (لا إله إلا الله)، هذا اللفظ ألا يدل على أن أي واحد قال: لا إله إلا الله، دخل الجنة؟!

الشيخ: لا، لا.

بل لابد من الإخلاص، ولهذا استَمِعْ إلى قول الله تعالى في المنافقين: {يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً} [النساء:142]، وفي نفس السورة يقول: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً} [النساء:145]، ويقول عنهم: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون:1] هذه شهادة بالرسالة، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:1] أي: كاذبون في قولهم: نشهد إنك لرسول الله) اهـ.

(لقاء الباب المفتوح) شريط (45) أ.

(24) الجمع بين حديثي: (إن البحر هو جهنم) و (يؤتى بجهنم يوم القيامة ولها سبعون زمام).

السؤال:

فضيلة الشيخ! ما وجه الجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم: (البحر هو جهنم) وقوله صلى الله عليه وسلم: (يؤتى يوم القيامة بجهنم ولها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها) كيف نجمع بينهما؟

الجواب:

(أما الأول وهو قولك إنه قال: (إن البحر هو جهنم) فلا أعلم هذا عن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن كثيراً من العلماء قالوا في قول الله تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التكوير:6]: إنها هي جهنم، ومعنى سجرت: أوقدت فتكون ناراً.

ولا منافاة بين هذا وهذا؛ لأن أحوال يوم القيامة لا تقاس بأحوال الدنيا؛ أحوال يوم القيامة لا يعرفها أحد -أي: لا يعرف حقيقتها وكنهها- إلا الله عز وجل، أو من شاهدها يوم القيامة، أما الآن فأحوال الآخرة لا يمكن أن نقيسها بأحوال الدنيا، فيمكن أن تكون هذه البحار يؤتى بها يوم القيامة وهي نار تجر، ولا غرابة في ذلك.

وأقول لكم: إنه لا يمكن أن تقاس أحوال الآخرة بأحوال الدنيا لئلا يشتبه عليكم شيء آخر أعظم من هذا، وهو أنه يوم القيامة تدنو الشمس من الرؤوس حتى تكون على قدر ميل، والميل هو: إما هو ميل المكحلة وهو قصير جداً، وإما ميل المسافة الذي هو كيلو ونصف تقريباً، وأياً كان فإننا لو قسنا أحوال الآخرة بأحوال الدنيا لكانت الشمس إذا قربت من الناس إلى هذا الحد انمحوا من الوجود لشدة حرارتها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير