أما مدح الدهر باعتبار أن الإنسان يثني على ربه بذلك لا على الأيام والليالي فلا بأس، فهذا طيب، يقول: هذه الأيام مثلاً أيام سرور، وأيام أمن ورخاء ولله الحمد، فهي أيام مباركة، وما أشبه ذلك هذا لا بأس به، وأما أن يثني على الدهر ناسياً خالقه عز وجل وهو الله، فهذا لا يجوز؛ لأن الثناء على السبب مع التغافل عن المسبِّب فيه- الحقيقة - غضٌ وانتقاص للمسبب وهو الله عز وجل.
وأما قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت:16] فالذي ذم هذه الأيام هو الله عز وجل وله أن يثني على ما شاء من خلقه، وأن يعيب ما شاء من خلقه.
لكن قل لي: ما الجواب عن قوله تعالى عن لوط: {وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} [هود:77] فالجواب عنه يقال: إن لوطاً عليه الصلاة والسلام، لم يرد به القدح في هذا، إنما أراد الخبر عن هذا اليوم لأنه عصيب، ويفرق في الأشياء بين القصد وعدم القصد، أرأيت لو جاء شخص يسأل مريضاً، فجعل المريض يخبر هذا الرجل مجرد خبر فقط، وجاء آخر يسأل مريضاً آخر فجعل المريض يخبره يتشكى إليه!، فالأول عمله جائز والثاني عمله مذموم، إذ كيف يتشك إلى المخلوق؟!!، وقد قيل:
وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما** تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم) اهـ.
(لقاء الباب المفتوح) شريط (9) ب.
(28) الجمع بين قوله تعالى: (للذكر مثل حظ الأنثيين) وبين قوله عليه الصلاة والسلام: (اعدلوا بين أبنائكم).
السؤال:
أراد رجل أن يقسم بين أولاده مالاً هل يعطى للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله تعالى في الآية: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ}.
} [النساء:11] أم يقسم بينهم بالتساوي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اعدلوا بين أبنائكم) وإذا فعل الأولى في حياته ثم توفي فهل يسترد ما أخذه الذكور ويعطى للإناث؟
الجواب:
(أولاً نسأل: هل هذا الذي أعطاه نفقة أو تبرع زائد؟
إن كان نفقة فإنه يعطى كل إنسان ما يحتاجه قليلاً كان أو كثيراً، فإذا قُدر أن أحد الأولاد احتاج إلى زواج،فإنه يزوجه، ولا يعطي الآخرين مثله؛ ولو فرضنا أن إحدى البنات مرضت وأنفق على دوائها نفقات باهظة فإنه لا يعطي الآخرين.
أما إذا كان تبرعاً فإنه يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأنه لا قسمة أعدل من قسمة الله عز وجل، فإذا أعطى الذكر مائة يعطي الأنثى خمسين؛ ولا يسترد بعد موته ما أعطى الذكور؛ لأن هذا حق وعدل أن للذكر مثل حظ الأنثيين، والحديث قال: (اعدلوا بين أبنائكم). والعدل بينهم اتباع ما دل عليه الشرع، هذا هو العدل.
وينبغي أن نعرف الفرق بين العدل والمساواة، الآن كثير من الناس يقول: الإسلام دين المساواة، وهذا غلط، ليس في القرآن كلمة مساواة أو أن الناس سواء، بل لو تأملت لوجدت أكثر ما في القرآن تجد نفي المساواة: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} [الحديد:10]، {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أولي الضرر} [النساء:95]، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [الرعد:16] وما أشبه ذلك، فأكثر ما في القرآن نفي للمساواة فيما بينهما اختلاف.
في القرآن العدل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ} [النحل:90] {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة:8]، وفرق بين العدل والمساواة، لو أخذنا بظاهر كلمة المساواة لقلنا: الذكر والأنثى سواء كما ينادي به الآن المتفرنجون!، لكن إذا قلنا العدل أعطينا الذكر ما يستحق والأنثى ما تستحق، ولهذا نرجو من إخواننا الكُتّاب وغير الكتاب أن ينتبهوا إلى هذه النقطة؛ لأن كلمة المساواة أدخلها بعض المعاصرين، والله أعلم كيف أدخلوها؟!، قد يكون عن سوء فهم، وقد يكون تصنعا للكفار وأدباء الكفار.
إنما الدين دين العدل، والعدل إعطاء كل أحد ما يستحق) اهـ.
(لقاء الباب المفتوح) شريط (13) أ.
(29) الجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) وبين ما ثبت في صحيح مسلم أنه كان يصلي ركعتين بعد الوتر جالساً.
والجمع بين قوله تعالى (ولا يكتمون الله حديثا) وقولهم {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}.
السؤال:
¥