تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[06 - 05 - 09, 12:53 م]ـ

تابع العلامة ابن باز:

(56) الجمع بين حديثي عائشة وابن عباس وبين حديث جابر –رضي الله عنهم- في كم يسعى المتمتع بين الصفا والمروة.

قال – رحمه الله تعالى-:

(طواف الإفاضة، وطواف الزيارة، وهو ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به، وهو المراد في قوله عز وجل: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (1)

ثم بعد الطواف وصلاة الركعتين خلف المقام يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعا، وهذا السعي لحجه، والسعي الأول لعمرته.

ولا يكفي سعي واحد في أصح أقوال العلماء؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم» فذكرت الحديث، وفيه فقال: «ومن كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا. . .» (2) إلى أن قالت: «فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم» (3) رواه البخاري ومسلم.

وقولها رضي الله عنها - عن الذين أهلوا بالعمرة -: " ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم " تعني به: الطواف بين الصفا والمروة، على أصح الأقوال في تفسير هذا الحديث، وأما قول من قال: أرادت بذلك طواف الإفاضة، فليس بصحيح؛ لأن طواف الإفاضة ركن في حق الجميع وقد فعلوه، وإنما المراد بذلك: ما يخص المتمتع، وهو الطواف بين الصفا والمروة مرة ثانية بعد الرجوع من منى لتكميل حجه، وذلك واضح بحمد الله، وهو قول أكثر أهل العلم، ويدل على صحة ذلك أيضا ما رواه البخاري في الصحيح تعليقا مجزوما به، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه «سئل عن متعة الحج، فقال: أهل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع وأهللنا، فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي (4)، فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وأتينا النساء، ولبسنا الثياب، وقال: من قلد الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله (5)، ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة». انتهى المقصود منه، وهو صريح في سعي المتمتع مرتين. والله أعلم.

وأما ما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافهم الأول فهو محمول على من ساق الهدي من الصحابة؛ لأنهم بقوا على إحرامهم مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى حلوا من الحج والعمرة جميعا والنبي صلى الله عليه وسلم قد أهل بالحج والعمرة وأمر من ساق الهدي أن يهل بالحج مع العمرة، وألا يحل حتى يحل منهما جميعا. والقارن بين الحج والعمرة ليس عليه إلا سعي واحد، كما دل عليه حديث جابر المذكور وغيره من الأحاديث الصحيحة.

وهكذا من أفرد الحج وبقي على إحرامه إلى يوم النحر ليس عليه إلا سعي واحد، فإذا سعى القارن والمفرد بعد طواف القدوم كفاه ذلك عن السعي بعد طواف الإفاضة، وهذا هو الجمع بين حديثي عائشة وابن عباس وبين حديث جابر المذكور رضي الله عنهم، وبذلك يزول التعارض ويحصل العمل بالأحاديث كلها.

ومما يؤيد هذا الجمع أن حديثي عائشة وابن عباس حديثان صحيحان، وقد أثبتا السعي الثاني في حق المتمتع، وظاهر حديث جابر ينفي ذلك، والمثبت مقدم على النافي، كما هو مقرر في علمي الأصول ومصطلح الحديث، والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب، ولا حول ولا قوة إلا بالله) اهـ.

(مجموع فتاويه) ج16 ص79 - 81


(1) سورة الحج الآية 29
(2) صحيح البخاري الحج (1481) ,صحيح مسلم الحج (1211) ,سنن النسائي مناسك الحج (2763).
(3) رواه البخاري في (الحج) باب طواف القارن برقم (1638)، ومسلم في (الحج) باب بيان وجوه الإحرام برقم (1211).
(4) رواه البخاري معلقا في (الحج) باب قول الله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام).
(5) رواه البخاري معلقا في (الحج) باب قول الله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام).

(57) الجمع بين آيات السيف، وبين آيات الكف عن المشركين وترك قتالهم.
قال –رحمه الله تعالى-:
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير