تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: والمشكلة التي يعاني منها كثير ممن تصدر للرقية الشرعية اليوم عدم مراجعة العلماء وطلبة العلم للاسترشاد بآرائهم والأخذ بفتاواهم، وخطورة ما يقوم به هؤلاء وأمثالهم تكمن في نواحي كثيرة أذكر منها:

1) - يعتقد الكثيرون خاصة العامة أن هؤلاء الرجال قدوة في السلوك والتصرف، وبالتالي يكونون مدعاة للاتباع والانقياد، مع أن بعض الجوانب المعتمدة في مسلكهم وطريقتهم في الرقية والعلاج مبني على الضلال والزيغ والباطل، وهنا تكمن أهمية لجوء أهل الحسبة لمحاربة هذه الفئة ومن على شاكلتها، وكذلك التصدي لكل من تسول له نفسه لخدش العقيدة أو هدمها أو إدخال بدع محدثة لا تمت بصلة لهذا الدين من قريب أو بعيد 0

2) - في اعتقادي الجازم أن هؤلاء الرجال أشد خطرا على العقيدة والدين من السحرة والمشعوذين، لأن مرتادي السحرة أناس خوت نفوسهم من الإيمان والتقوى والصلاح، أما من يطرق أبواب هؤلاء الجهلة فيعتقد أنهم على صلاح وهدي مستقيم، وبالتالي فإن هذه الفئة تكون مدعاة للإخلال بالعقيدة بل قد تؤدي إلى تدميرها والعياذ بالله 0

3) - وأمر هام لا بد من الإشارة إليه تحت هذا العنوان أن سكوت أهل الحسبة ورجال الدعوة عن تلك التصرفات يعتبر إقرارا لتلك الأعمال الشائنة والمخلة بالعقيدة والدين، وهذا يورث اعتقادا لدى الناس حتى الطيبين ومن يشهد لهم بالصلاح أن هذه الفئة على خير، ولولا ذلك لمنعت من ممارسة هذا الأمر ومقارعته 0

4) - وهناك أمر هام جدا لا يخفى على المعالِج صاحب العلم الشرعي المتمرس الحاذق في صنعته، أنه ليس كل ما يقرأ في الكتب صحيح ويعتد به، وعلى ذلك فلا بد من مراجعة العلماء وطلبة العلم في كثير من المسائل المشكلة التي تحتاج لإيضاح وتفسير لينأى بنفسه من الوقوع في المحظور والإثم والضلال 0

ومن نظرة الباحث للكلام آنف الذكر، ومع أن ظاهر فعله واستخدامه دون الاعتقاد به لا يوحي بمضمونه الحقيقي، ومع ذلك تبين اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أن ذلك يعد سحرا وكهانة، ولا بد من إدراك النظرة الثاقبة بعيدة المدى للعلماء قبل إصدار فتواهم 0

وقد يفضي استخدام ذلك إلى الوقوع فيما هو شر منه، وقد سدت الشريعة الذرائع الموصلة لمثل ذلك، وبنظرة ثاقبة متفحصة لما يحصل على الساحة اليوم يجد الإنسان نفسه تائها بين كثير من الأمور المبتدعة المحدثة التي تفوق الوصف والخيال، فإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله 0

وقد وقع بيدي كتاب من أخطر كتب السحر هو (الرحمة في الطب والحكمة) منسوب للإمام السيوطي - رحمه الله - وهذا الكتاب لا رحمة فيه ولا طب ولا حكمة، إنما سحر وشعوذة ودجل، وقد كذب من ادعى نسبته للعلامة السيوطي – رحمه الله – وقد نقل فيه الآتي:

(تكتب هذه الأسماء في فأس ويحمى في النار ويطفى في الماء تحته ويشرب من ذلك الماء ويدهن، وهذه الأسماء 000 – وذكر أسماء غريبة والله أعلم أنها من أسماء الجن والشياطين –ثم ذكر فصار كل فرق كالطود العظيم) (الرحمة في الطب والحكمة – ص 122) 0

وهذا مما يؤكد فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بأن ذلك الفعل يعد ضربا من ضروب السحر والشعوذة والكهانة، فيجب الحذر والتثبت في كثير من المسائل المتعلقة بالرقية والعلاج عن طريق العلماء وطلبة العلم وسؤالهم والاسترشاد بنصحهم وإرشاداتهم 0

إن الشريعة الإسلامية تؤخذ من منابعها وأصولها الثلاثة، ولا بد للمعالِج من تقوى الله وعدم إقحام نفسه وغيره في البدعة والمعصية، فلا بد من تحري الحق وأهله، وأن يعلم المعالِج أن فعل المخالف للشرع يورث سخطا وعقوبة من الخالق سبحانه وتعالى، كما ثبت من حديث جرير - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)

(أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب الزكاة (69) – برقم 1017 – وكتاب العلم (15) – برقم 2673)

قال النووي - رحمه الله -: (هذا الحديث صريح في الحث على استحباب سن الأمور الحسنة، وتحريم سن الأمور السيئة، وأن من سن سنة حسنة كان له مثل أجر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة، وأن من دعا إلى هدى كان له مثل أجور متابعيه، أو إلى ضلالة كان عليه مثل آثام تابعيه، سواء كان ذلك الهدى والضلالة هو الذي ابتدأه أم كان مسبوقا إليه، وسواء كان ذلك تعليم علم، أو عبادة، أو أدب، أو غير ذلك 0

قوله صلى الله عليه وسلم: " فعمل بها بعده " معناه أن سنها سواء كان العمل في حياته أو بعد موته 0 والله أعلم) (صحيح مسلم بشرح النووي - 16،17،18/ 172) 0

قال الأخ فتحي الجندي: (أما أن يفتح الباب لكل سائبة ومتردية ونطيحة وأكيلة سبع لتدخل وتمر تحت ستار: (مشروعية النشرة) فهذا تفريط خطير لا يمكن أن يقبل بحال، وإن قال به فلان وفلان من أهل العلم، لأن أقوالهم قد صارت قنطرة تعبر عليها الخزعبلات باسم الرقية الشرعية، وإلا فقل لي بربك أية شرعية في جمع قضبان وفأس ذي قطارين ونار وبول! ولماذا حزمة قضبان؟ ألا يغني عنها الزفت والقطران؟! ومن أين اشترطوا أن يكون الفأس ذا قطارين؟ أما كان يكفي أن يكون الفأس ذا قطار؟! 0 فالحمد لله لقد جلبت المشقة التيسير، وصرنا مع قطارين إلى قطار، وغدا ربما تكفي حذوة حمار، أو حلقة أو مسمار!) (النذير العريان - ص 117) 0

هذا ما تيسر لي بخصوص هذه المسألة، بارك الله في الجميع، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية:

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني

http://ruqya.net/forum/showthread.php?t=5280&page=2

انتهى

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير