اجتاز بدار الشريف الرضي بعضهم بسر من رأى، وهو لايعرفها، وقد حدثت فيها آثار البلى وذهبت بهجتها وأخلقت ديباجتها، وبقايا رسومها تشهد له بالنضارة وحسن الشارة، فوقف عليها متعجبا من صروف الزمان وطوارق الحدثان، وتمثل بقول الشريف الرضي المذكور:
ولقد وقفت على ربوعهم * وطلولها بيد البلى نهب
فبكيت حتى ضج من لغب * نضوي ولج بعذلي الركب
وتلفتت عيني فمذ خفيت * عني الطلول تلفت القلب
فمر به شخص وسمعه وهو ينشد الأبيات، فقال له: هل تعرف هذه الدار لمن هي?فقال لا، فقال: هذه الدار لصاحب هذه الأبيات الشريف الرضي فتعجبا من حسن الاتفاق.
وقريب من هذه الواقعة حكاية هي في معناها ذكرها الحريري في كتابه درة الغواص في أوهام الخواص وهي على ما رواه أن عبيد بن شرية الجرهمي عاش ثلثمائة سنة وأدرك الإسلام ودخل على معاوية بن أبي سفيان بالشام وهو خليفة، فقال له: حدثني بأعجب ما رأيت، فقال: مررت ذات يوم بقوم يدفنون ميتا لهم، فلما انتهيت إليهم اغرورقت عيناي بالدموع فتمثلت بقول الشاعر:
يا قلب إنك من أسماء مغرور * فاذكر وهل ينفعك اليوم تذكير
قد بحت بالحب ماتخفيه من أحد * حتى جرت لك اطلاقا محاضير
فلست تدري وما تدري أعاجلها * أدنى لرشدك أم مافيه تأخير
فاستقدر الله خيرا وارضين به * فبينماالعسر إذ دارت مياسير
وبينما المرء في الأحياء مغتبط * إذا هو الرمس تعفوه الأعاصير
يبكي الغريب عليه ليس يعرفه * وذو قرابته في الحي مسرور
قال، فقال لي رجل: أتعرف من يقول هذا شعر? فقلت: لا، قال: إن قائله هو الذي دفناه الساعة، وأنت الغريب الذي تبكي عليه ولست تعرفه، وهذا الذي خرج من قبره أمس الناس رحما به وأسرهم بموته، فقال له معاوية: لقد رأيت عجبا، فمن الميت? قال: هو عثير بن لبيد العذري.
ويقرب من هذا ما ذكره الأمير المسبحي في كتاب الحمة الذي ألفه للظاهر بن الحاكم سنة اثنتين عشرة وأربعمائة قال، قال محمود المادرائي: كنت متوجها إلى الديوان فدخلنا الأبلة فصعدت من السفينة لحاجة، ووقفت على تل رماد عتيق وعن لي أن أنشدت قول الشاعر:
يا رب قائله يوما وقد لغبت * كيف الطريق إلى حمام منجاب
وكان شيخ من أهل الأبلة جالسا على قرب من الموضع، فقال لي: يافتى، تعرف حمام منجاب? قلت: لا، قال: فأنت واقف على مستوقده؛ فعجب من الاتفاق في ذلك.
ومثل هاتين القضيتين ما ذكره الخطيب أبو زكريا التبريزي في كتاب شرح الحماسة وذكر غيره أيضا أن عمرو بن شاس الأسدي الشاعر المشهور كانت له امرأة من قومه، وابن من أمه سوداء يقال له عرار، فكانت تعير به أباه وتؤذيه ويؤذيها، فأنكر عمرو عليها أذاها له وقال:
أردت عرارا بالهوان ومن يرد * عرارا لعمري بالهوان لقد ظلم
وإن عرارا إن يكن غير واضح * فإني أحب الجون ذا المنكب العمم
وهي عدة أبيات أبيات في الباب الاول من كتاب الحماسة - والجون: الأسود، والعمم: التام - وكان عرار أحد فصحاء العقلاء، وتوجه من عند الملهب بن أبى صفرة إلى الحجاج بن يوسف الثقفي رسولا في بعض فتوحه فلما مثل بين يدي الحجاج لم يعرفه وازدراه، فلما استنطقه أبان وأعرب ما شاء وبلغ الغاية والمراد في كل ما سئل عنه، فأنشد الحجاج متمثلا: أرادت عرارا بالهوان ومن يرد عرارا لعمري بالهوان لقد ظلم.
فقال عرار: أنا - أيد الله الأمير - عرار، فأعجب به وبذلك الاتفاق.
وشاس: المكان الغليظ.
وعمرو المذكور من أسد بن خزيمة، وهو مخضرم أدرك الإسلام وهو شيج كبير.
ـ[الجندى المسلم]ــــــــ[02 - 01 - 05, 10:24 ص]ـ
قال احدهم
لئن كنت محتاجا إلى الحلم إنني ... إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ... ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم ... ومن شاء تعويجي فإني معوج
وما كنت أرضى الجهل خدنا ولا أخا ... ولكنني أرضى به حين أحوج
فإن قال بعض الناس فيه سماجة ... فقد صدقوا والذل بالحر أسمج
ـ[أبو حفص الأزدي]ــــــــ[02 - 01 - 05, 11:01 م]ـ
سمعت هذه الأبيات الطريفة من الشيخ محمد الحسن الددو
وهي بين ابن دريد صاحب الجمهرة ونفطويه النحوي
قال نفطويه:
ابن دريد بقرة ... وفيه عي وشره
يدعي من حمقه ... وضع كتاب الجمهرة
وهو كتاب العين ... إلا أنه قد غيّره
فرد عليه ابن دريد:
أف على النحو وأشياعه ... مذ صار من أشياعه نفطويه
أحرقه الله بنصف اسمه ... وصيّر الباقي صراخاً عليه
ـ[محمد12]ــــــــ[03 - 01 - 05, 07:45 ص]ـ
قال الاخطل في بني يربوع رهط من جرير
قو م إذا استنبح الاضياف كلبهم == قالوا لامهم بولي على النار
يقال انه أهجى بيت قاله شاعر
قال الحافظ عماد الدين علي بن القاسم ابن عساكر في المروحة
ومروحة تروح كل هم == ثلاثة أشهر لابد منها
حزيران وتموز وآب == وفي أيلول يغني الله عنها
قال الامام ابن كثير عن أي هريرة رضي الله عنه قال: لا أزال احب تميم بعد ثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهم هم أشد أمتي على الدجال وكانت فيهم سبية عند عائشة فقال أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل وجائت صدقاتهم فقال هذه صدقات القوم أو قومي
قال ابن كثير في البداية والنهاية:وهذا الحديث يرد على قتادة ما ذكره صاحب الحماسة وغيره من شعر في ذمهم حيث يقول
تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا == ولو سلكت طرق الرشاد لضلت
ولو أن برغوثا من فوق قملة == رأته تميم من بعيد لولت