[ذكريات عن الشيخ البنا الساعاتي - الجزء الثامن]
ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[07 - 03 - 03, 11:03 ص]ـ
معركة طبع الفتح
جمال البنا
كانت عملية طبع ونشر الفتح الرباني وشرحه بلوغ الاماني معركة فاقت في شدتها معركة التصنيف والتحرير، ففي هذه الحالة الاخيرة ـ حالة الكتابة ـ كان المطلوب هو ان يقسو الشيخ على نفسه ليحقق افضل ما يمكن ان يصل اليه في هذا المجال. وقد اخذ الشيخ نفسه بذلك ووفق فيه والحمد لله. اما في حالة الطبع فلم تكن المسؤولية مقصورة عليه. لانها كانت تتعلق بأموال ومطابع، ودور نشر وقراء ولم تكن هذه لتتعلق بكتاب من جزء واحد ـ يطبعه ويخلص منه. ولكنه كان امر كتاب من عشرين جزءا، كما تصور (و 24 كما صدر بالفعل) وكان يجب على من يشتري الجزء الأول ان يواصل شراء بقية الأجزاء على امتداد عشرين عاما، حتى لا يخل ذلك بعدد اجزاء النسخ الكاملة. أو ان ينتظر حتى تصدر اجزاؤه كلها وانى يمكن التوصل الى شيء كهذا.
كانت المهمة ضخمة، ولم يكن يتصور ان يقوم بها فرد واحد، دع عنك ان هذا الفرد لا يملك مالا او جاها. وليس له اتصالات أو علاقات بدور النشر او المكتبات التي كان يرفض التعامل معها ويرى فيه نوعا من استنزاف المؤلف، اذ عندما يأخذ الموزع 30% (على الأقل) من ثمن الكتاب، و 40% في كثير من الحالات فماذا يبقى للورق والطبع والتأليف؟ .. ان مثل هذه النسب توقف المؤلف على شفا الافلاس، وتحول دون ان يواصل الطبع .. فضلا عما في ذلك كله من تعليق لآمر نفسه على غيره، وما قد يضطر اليه من رجاء .. وانتظار الخ ..
لهذا قرر الشيخ ان يعتمد على نفسه في الطبع، كما اعتمد عليها في التأليف وهذا من اكبر علامات علو همته وصدق عزيمته. اشترى الشيخ كمية من حروف الطباعة المشكلة (أي بالشكل من فتحة وضمة الخ .. ) تكفي لطبع ملزمتين (أي 16 صفحة من القطع الذي ظهر به الكتاب) واستأجر لها مكانا بجواره، واستخدم عاملا ماهرا امينا يقوم بجمع الملزمة فيصححها الشيخ ثم ترسل لتطبع في مطبعة قريبة، بعد ان يشتري الشيخ بنفسه الورق اللازم لها.
كان الشروع في طبع الجزء الأول، كما كتب الشيخ في دفتره، سنة 1353 ـ 1934. وفي سنة 1359 ـ 1940 كتب الشيخ (انتهينا من طبع الجزء الثالث عشر من الفتح الرباني في ربيع الأول) أي ان الشيخ رحمه الله طبع خلال ست سنوات هذه الاجزاء الثلاثة عشر، اي بواقع جزءين كل سنة وهي واقعة تثير الدهشة خاصة مع الضائقة المالية التي كان الشيخ يعانيها، ولا بد ان هناك عوامل اخرى مواتية مكنت الشيخ من ان يمضي قدما، لعل منها انه وان ظل معتكفا في مكتبه، معتزلا الناس، بعيدا عن الدوائر «المشيخية» في الأزهر والاوقاف الخ .. فإن صيت ابنه البكر بدأ ينتشر، وأخذت دعوة الاخوان المسلمين تزحف على الريف والحضر. وعندما اصدر الاخوان المسلمون أول مجلة لهم باسم «مجلة الاخوان المسلمين» جعلوا الشيخ مديرا لادارتها، ومشرفا على طباعتها، وقد وجدنا في مكتب الشيخ عشرات الظروف الحكومية معنونا عليها «مجلة الاخوان المسلمين بالقاهرة» وقد اثار عجبنا كيف سلكت هذه الظروف طريقها الى حارة الرسام دون اي اشارة على الظرف .. هل يعود ذلك الى ان الخدمة البريدية كانت تؤدى بإخلاص وتفان، أو لان القاهرة لم تكن قد توسعت هذا التوسع العشوائي، أو لأن شهرة الاخوان المسلمين سمحت بهذا .. وكانت هذه الظروف الحكومية ذات الحجم واللون الواحد تحمل داخلها «الاعلانات القضائية» التي كانت من أهم موارد الصحف وقتئذ ـ وكانت الجهات المختصة توزعها على الصحف ولا ريب ان ظهور الاخوان وانتشارهم، جعل للشيخ جمهورا لم يسع اليه وما كان يمكن ان يصل اليه بطرقه الخاصة.
ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[07 - 03 - 03, 11:04 ص]ـ
وإليكم روابط الحلقات السابقة:
الجزء الأول
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showt...%C7%DA%C7%CA%ED
الجزء الثاني
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showt...%C7%DA%C7%CA%ED
الجزء الثالث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showt...%C7%DA%C7%CA%ED
الجزء الرابع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showt...%C7%DA%C7%CA%ED
الجزء الخامس
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showt...%C7%DA%C7%CA%ED
الجزء السادس
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showt...=&threadid=6704
الجزء السابع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6732