تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[11 - 06 - 09, 12:50 م]ـ

نشرًا للعلم ..

ـ[السلفية النجدية]ــــــــ[21 - 06 - 09, 04:36 م]ـ

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (لا يبولنَّ أحدكم في الماء الدائم الذي يجري، ثم يغتسل فيه) ولمسلم: (لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب).

نعم الحديث بروايتين، يدل على أن الماء الدائم، والماء الدائم فسَّره – صلى الله عليه وسلم – بالذي لا يجري، بالماء الراكد الذي لا يجري أنه يتأثر بشيئين: يتأثر بالبول فيه، ويتأثر أيضا بالاغتسال فيه من الجنابة.

أما المسألة الأولى وهي: (لا يبولنَّ أحدكم في الماء الدائم) هذا فيه النهي عن البول في الماء الدايم: يعني الذي لا يجري؛ لأنه يُقذِّره وينجِّسه، يقذره وينجسه.

وجاء الحديث الثاني في النهي عن أن يبول في الموارد، يعني عند الماء الذي يورد، تشرب منه الدواب، ويشرب منه الناس، فلا يقضي حاجته عنده؛ لأن ذلك يؤثر ويلوث الناس والدواب، وجعل من فعل ذلك ملعونا، البراز في الموارد، هذا من الملاعن الثلاث، فلا يبول فيه ولا يبول عنده أيضا، بل يبتعد، يبتعد عنه، والحديث عام للقليل والكثير، ما دام أنه دايم، يعني راكد فلا يجوز البول فيه، وهذا ما ذهب إليه الإمام أحمد، ذهب إلى أن البول يُنجِّس الماء ولو كان كثيرا، إلا إذا كان يشقُّ نزحه، إذا كان يشق نزحه فإنه لا يؤثر فيه، كمصانع طريق مكة، وهي البِرْكات التي عُملت بالحجارة والجص، فصارت تختزن الماء للحجاج بطريقهم وهي بِراك كبيرة، هذه يشق نزحها، فإذا كان يشق نزحه فإنه لا يتنجس ببول الإنسان، قال ومثله من باب أولى (العَذِرة) لا يتغوَّط فيه، لا يتغوط في الماء الدايم وهو الماء الراكد، فإن فعل فإنه ينجس، ظاهر الحديث سواء كان قليلا أو كثيرا، هذا قول الإمام أحمد.

الجمهور يقولون إن كان قليلا فنعم، أما إن كان كثيرا فإنه لا يؤثر فيه البول بدليل قوله – صلى الله عليه وسلم -: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبَث) يعني لم تؤثر فيه النجاسة، ولكن ظاهر الحديث العموم، يشهد لقول الإمام أحمد، لعموم الحديث، ولم يقل: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم القليل)، بل عمَّم – صلى الله عليه وسلم – عن البول في الماء الدايم، ويدل بمفهومه على أن الماء الجاري أنه لا يتنجس بالبول، الماء الجاري لا يتنجس بالبول؛ لأنه يدفع النجاسة بجَرْيِه، فالذي وقع عليه البول من الجَرِيات يذهب، ويأتي جريات جديدة لم يحصل فيها بول، فالماء الذي يجري لا يؤثر فيه بول الآدمي أو عَذِرَته، وإن كان هذا منهيا عنه؛ لأنه يُكرِّهه على الناس ويُلوثه؛ لكن الكلام في النجاسة لا ينجِس، الماء الجاري لا ينجس بالبول ولا بما هو أشد منه كالعَذِرة، فهذا مفهوم الحديث.

والمسألة الثانية، قالوا فيه نُكتة عن الظاهرية، الظاهرية يقولون بالظاهر، ولا يعتبرون علل الأحكام وأسرار الأحكام، يقولون الرسول نهى عن البول في الماء الدايم، أنه يباشِر البول فيه، أما لو بال في إناء أو تغوَّط في إناء؛ حتى لو كان كثير البول، لو جمع البول الكثير في إناء وصبّه فيه لا يؤثر، لا يؤثر فيه، هذا يقولون: هذا جمود، جمود على الظاهر، من المعلوم أن المقصود أن البول يؤثر بالماء سواء تبوَّل به مباشرة أو تبوَّل خارجه وتسرَّب البول إلى الماء أو تبوّل في إناء وصبّه فيه، فالمعنى واحد، فهذا مما عابوه على الظاهرية، ما عابوه على الظاهرية في جمودهم على الظاهر، وعدم اعتبار العلل والأسرار ومقاصد الشريعة، وهذا مما فوَّت عليهم كثيرا من الفقه، مما فوّت عليهم كثيرا من الفقه.

طيب، أما المسألة الثانية: وهي قوله: (لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب).

لا يغتسل: هذا نهي، والفعل مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه السكون، (لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب).

الجنب: من أصابته الجنابة: وهي خروج المني منه دفقًا بلذة، خروج المني دفقا بلذة، هذا هو الجنب، سواء في جماع أو في غيره، أو بمباشرة أو باحتلام في النوم، فالجنابة هي خروج المني من الإنسان دفقا بلذة، أما لو خرج بدون لذة، كالمريض الذي ينساب منه، والمصاب الذي لا يُمسك، ذكره لا يُمسك ويخرج بدون لذة، فهذا لا يُعد، لا يسمى جنبًا، هذا ينقض الوضوء فقط، ولا يوجب الإجناب، ولا يجب عليه الاغتسال، هذا معنى الجنب.

سمي جنبا؛ لأن من المُجانبة؛ لأن الماء باعد محله وجانبه، فسمي جنبًا، والجُنب يُعبَّر فيه عن حصول الجماع، فهذا فيه النهي لمن كان عليه جنابة، أن يغتسل في الماء الدايم، يعني ينغمس فيه، ناويا رفع الحدث، فإن ذلك يؤثر في الماء، ويجعله مستعملا، لا تصح الطهارة منه؛ لأنه صار مستعملا برفع حدث أكبر، فهذا ظاهر الحديث.

وبعض العلماء يقول هذا للكراهة وليس هو للتحريم، ولا يسلب الماء الطهورية؛ لكنه مكروه الاستعمال؛ ولكن ظاهر الحديث أنه يسلبه؛ لأنهما فائدة الحديث، ودل الحديث بمفهومه – كما سبق - على أن الماء الجاري لا بأس أن ينغمس فيه ويغتسل في الماء الجاري ولا يؤثر هذا فيه، إنما الكلام في الماء الدايم الذي لا يجري، نعم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير