تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

طلب أبو بكر رضي الله عنه من ربيعة رضي الله عنه أن يرد له تلك الكلمة ليقتص الصديق رضي الله عنه من نفسه، لم تمنعه مكانته من رسول الله ولا مكانته في الإسلام أن يحقر أحداً من المسلمين ولاأن يتعدى عليه حتى بلفظ يسير – يقرر لنا الصديق رضي الله عنه بهذا الموقف العظيم مبدأ العدل والتواضع - وفي موقف كبير آخر مقابل لموقف الصديق رضي الله عنه ونفس سامية للمتربي في مدرسة النبوة على صحابها أفضل الصلاة والسلام تسمو عن مبدالة الكلمة المكروهة بمثلها ليقول ربيعة رضي الله عنه (لا والله ما أنا بقائل لك إلا خيراً) وكأن ربيعة رضي الله عنه مرة أخرى يذكرنا بحقيقة أخرى فكأنه يقول بادل السيئة بالحسنة وكأنه يقول لاتدع للشيطان مدخلاً عليك في تعاملك مع إخوانك وخلانك، وكأنه يقول لاتقل بلسانك إلا خيراً، وكأنه يهمس في أذن من اتخذ من لسانه أداة للسب أو الشتم أو السخرية أو الغيبة أو الكذب لاتفعل .. لاتفعل … فهذا ليس من الخير في شيء، ثم هو رضي الله عنه يذكرنا بخلق آخر خلق فاضل ألا وهو خلق الحلم لم يرد رضي الله عنه على أبي بكر رضي الله عنه الكلمة بمثلها أو تجاوز ذلك – حاشاه – رضي الله عنه، أليس في ذلك عبرة لنا أن نضبط أنفسنا، ومشاعرنا، يؤسفني أن بعض المسلمين يرد الكلمة بمثليها والجملة بأضعافها، يستثيره أدنى أمر .. فتجده يزبد ويرعد .. يشتم ويلعن .. وينسى وصية حبيبه حينما أوصى صاحبه رضي الله عنه (لاتغضب).

ثم إن أبا بكر رضي الله عنه وقد أثرت عليه الكلمة التي قالها، عندما لم يلبي ربيعة رضي الله عنه طلبه ذهب إلى النبي ليرشده في أمره – وفي هذا فائدة جليلة بالعودة إلى المرجعية التي تتمثل في رسول الله في هذه القصة - وتبعه ربيعة رضي الله عنه وفي الطريق أراد قوم ربيعة رضي الله عنه أن يردوه عن إتباع أبي بكر رضي الله عنه وكأنهم يقولون له أنك أنت المخطأ عليك ومعك الحق فلماذا تذهب خلفه، وتأتي الإجابة الكبيرة في مبناها ومعناها من ربيعة رضي الله عنه (أتدرون من هذا هذا أبو بكر .. هذا ثاني اثنين هذا ذو شيبة المسلمين .. إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب لغضبه فيغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة) إنه سمو في القول والفعل … سمو في الأخلاق والتعامل .. سمو في الإحترام والتوقير .. فلله درك ورضي الله عنك حين تعطي للأمة درساً في إنزال الناس منازلهم، لله درك ورضي الله عنك حين تعرف لأهل الفضل فضلهم، لله درك ورضي الله عنك حين توقر الصديق رضي الله عنه وتحترمه ..

لله درك ورضي الله عنك حين تضبط الأمور بميزان الشرع للعقل، انظروا رضي الله عنها علم مكانة أبي بكر رضي الله عنه من رسول الله خشي من غضبه لإنه سيترتب على ذلك غضب رسول الله ثم يترتب على ذلك غضب الله تعالى إنه ميزان الشرع الذي الذي وزن فيه الأمر الذي غاب عن قومه رضي الله عنهم حينما وزنوا الأمر بعاطفتهم المجردة، وفي هذا درس للأمة عظيم أن العاطفة التي لاتنضبط بضوابط الشرع تؤدي إلى نتائج لاتحمد عقباها، أترون ماتمر به بلادنا حرسها الله في هذه الأيام من ظهور الأفكار التي حركتها العاطفة الغير منضبطة بضوابط الشرع، فعاثت في الأرض فساداً تفجر وتدمر وتخرب وتكفر، أيها المسلمون .. إن العلم الشرعي المبني على الأصول الصحيحة هو السبيل الأوحد إلى سلامة الأمة ونصرها، نحن أمة منهجنا واضح وأساسه واضح، ومبناه واضح، لايحركنا هوىً متبع أو عاطفة غير منضبطة أو حماس غير محسوب.

هذا مادار بين الصحابيين رضي الله عنهما قبل وصولهما إلى رسول الله، أما ماكان بينهما عند رسول الله. فقد التقى الصحابيان رضي الله عنهما أبو بكر الصديق وربيعة الأسلمي رضي الله عنهما عند رسول الله واستمع لهما، هكذا رسولنا مع أصحابه رضي الله عنهم يستمع إليهم ويجلس معهم يشاوره فيشير عليهم يسألوه فيجيبهم، سمع كلا الطرفين ولم يغفل طرفاً دون الآخر وفي هذا مضرب مثل لعدله، وبعد أن استمع إليهما واتضح له الأمر أرشد ربيعة لما هو خير من رد الكلمة التي قال أبو بكر رضي الله عنه، وأيده على عدم الرد بالمثل وقال له قل يغفر الله لك ياأبا بكر).

قالها ربيعة رضي الله عنه فأبت تلك النفس الكبيرة نفس أبي بكر رضي الله عنه التي تخشى الله وتتقه فسبقت عبراته عبارته وولى وهو يبكي رضي الله عنه وأرضاه.

يالله .. ماأجملها من قصة تختم بهذا الأدب الجم والخلق خلق العفو والتسامح، (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) (الشورى: من الآية40).

ـ[ابو معاذ المصرى السلفي]ــــــــ[27 - 04 - 09, 08:06 ص]ـ

رضى الله عنهما وعن الصحابة اجمعين وصلى الله وسلم على خاتم المرسلين وآله الطيبين

ـ[أبو مسْلم العقّاد]ــــــــ[27 - 04 - 09, 02:04 م]ـ


• الْبَاحِثُ الْفَنَّانُ / د. مُحَمَّدٌ السَّمَّانُ. . . نَفَعَ بِكَ الرَّحْمَانُ، وَجَزَاكَ بِالْإِحْسَانِ.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير