[حول لأحاديث الواردة في فضل اغتسال الحائض]
ـ[سمير زمال]ــــــــ[30 - 04 - 09, 11:44 م]ـ
أرسلت الأخت الفاضلة: "أم سيرين" تسأل عن صحة بعض الأحاديث التي وجدتها في بعض المنتديات, ونصها كالآتي:
الأول: عن النبي صلى الله عليه وسلم "إذا اغتسلت المرأة من حيضها، وصلت ركعتين تقرا فاتحة الكتاب وسورة الإخلاص 3 مرات في كل ركعة
1 - غفر الله لها كل ذنب عملته من صغيره وكبيره.
2 - ولم تكتب عليها خطيئة إلى الحيضة الأخرى.
3 - وأعطاها اجر 60شهيد.
4 - وبنى لها مدينة في الجنة.
5 - وأعطاها بكل شعره على رأسها نورا.
6 - وان ماتت إلى الحيضة ماتت شهيدة.
الثاني: قالت عائشة رضي الله عنها:"ما من امرأة تحيض إلا كان حيضها كفاره لما معى من ذنوبها، وإن قالت عند حيضها الحمد الله على كل حال واستغفرك من كل ذنب "
1 - كتب لها براءة من النار.
2 - وأمان من العذاب. وأيضا تقدم ان الحائض إذا استغفرت عند كل صلاه 70مره:
3 - كتب لها ألف ركعة ..
4 - ومحى عنها 70 ذنبا.
5 - وبنى لها في كل شعره في جسدها مدينه في الجنة.
فأقول وبالله التوفيق:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد:
لقد انتشر في الآونة الأخيرة - عبر رسائل الإيميل, وعبر كثير من المنتديات - الترويج لكثير من الأحاديث الباطلة والموضوعة.
وللأسف قد لاقت هذه الأحاديث رواجاً وانتشاراً, خصوصاً مع قلة بضاعة أكثرهم في الحديث وعلومه.
ولي وقفة مع هذه الأحاديث المكذوبة عامة, ومع هذه الأحاديث التي استفسرت عنها الأخت الفاضلة: "أم سيرين" والله الموفق, والهادي إلى سواء السبيل.
أولاً: مدى صحة الحديثين المذكورين- في أجر وثواب الاغتسال من الحيض
اعلم أخي الكريم أّن هذه الأحاديث من الآثار الموضوعة المكذوبة عن النبي صلى الله عليه وسلم, وهو من ترويج القصاص كذباً وزوراً, ودليل ذلك:
1 - أنّ هذه الأحاديث ليست مذكورة في أي كتاب من كتب السنة أو دواوينها, ولا يعلم له إسناد ولا لجام ولا خطام.
2 - أنّ في متن الحديث نكارة ظاهرة من حيث الأسلوب, والأجور العظيمة التي لم يرد عشرها في كثير من فضائل الأعمال الثابتة.
3 - أنّ هذه الأحاديث ذكرت في كتاب: "نزهة المجالس ومنتخب النفائس" لعبد الرحمن بن عبد السلام الصفوري الشافعي, ت: 884هـ.
وذكر هذين الحديثين على سبيل الحكاية, بغير إسناد.
وكتاب الصفوري هذا, من مشاهير كتب الرقائق, يكاد يكون خلاصة لكل ما ورد فيها من حكايا الصالحين، ونوادر أخبارهم.
وقد ملأه بالأحاديث المكذوبة المختلقة, وكثير من الروايات الإسرائيلية التي لا تصحّ.
شأنه في ذلك شأن كثير من كتب المتأخرين خاصة في باب الوعظ والرقائق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وهذه الكتب (أي كتب الزهد) وغيرُها، لا بُدَّ فيها من أحاديثَ ضعيفة وحكايات ضعيفة، بل باطلة.
وفي الحِلْيةِ (أي كتاب "حلية الأولياء" لأبي نعيم) من ذلك قطْعٌ, ولكِنّ الذي في غيرها من هذه الكتب، أكثرُ مما فيها" (مجموع الفتاوى 18/ 72).
ثانياً: حكم رواية الأحاديث الضعيفة والموضوعة في باب الترغيب والترهيب.
إنّ مما شاع بين الوعّاظ والخطباء قديماً وحديثاً, التساهل في رواية الأحاديث الضعيفة, والعمل بها في فضائل الأعمال, وفي الترغيب والترهيب, والرقائق, زاعمين أنّ هذا ممّا اتفق عليه السّلف رحمهم الله.
فكان لزاماً تحرير القول في هذه المسألة وبيان رأي السلف رحمهم الله فيها.
• اتفق السلف رحمهم الله على عدم جواز العمل بالحديث شديد الضعف, في الأحكام وفي الترغيب والترهيب وفي غيرها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "لم يقل أحد من الأئمة: إنه يجوز أن يُجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف، ومن قال هذا فقد خالف الإجماع" ("قاعدة جليلة في التوسَّل والوسيلة", ص 162).
• ووقع الخلاف بين السلف رحمهم الله في رواية الحديث -الذي خفّ ضعفه-, والعمل به في الفضائل والرقائق والترغيب والترهيب على ثلاثة أقوال:
• القول الأول: جواز رواية الحديث الضعيف والعمل به -مطلقاً-, في الأحكام, وفي الفضائل, والترغيب والترهيب, وغيرها, بشرطين:
الأول: أن يكون ضعفه غير شديد, لأنّ ما كان ضعفه شديداً, فهو متروك عند كافة العلماء.
¥