[البطن - على التحقيق _ ينبوع الشهوات]
ـ[عبدالعزيز بن ابراهيم النجدي]ــــــــ[01 - 05 - 09, 01:23 ص]ـ
دائما ماكان يشتكي الكثير من كثرة النوم.الكسل.حب الدعة ... إلخ
ولما كان من أكبر الأسباب الداعية إلى ذلك الشبع وكثرة الأكل أحببت أن أجمع بعض ماورد عنه من سلفنا الكرام.
ومن الله أستمد التوفيق.
* ما يورثه الشبع:
عن المقدام بن معد كرب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ((ماملأ ابن آدم وعاء شرا من بطن، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)) رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي حديث حسن.
" وهذا الحديث أصل جامع لأصول الطب كلها وقد روى أن ابن أبي ماسويه الطبيب لما قرأ هذا الحديث في كتاب أبي خيثمة قال لو استعمل الناس هذه الكلمات لسلموا من الأمراض والأسقام ولتعطلت المارشايات ودكاكين الصيادلة وإنما قال هذا لأن أصل كل داء التخمة " {ابن رجب جامع العلوم والحكم ص789}. " والبطن على التحقيق ينبوع الشهوات ومنبت الأدواء والآفات إذ يتبعها شهوة الفرج وشدة الشبق إلى المنكوحات ثم تتبع شهوة الطعام والنكاح شدة الرغبة في الجاه والمال اللذين هما وسيلة إلى التوسع في المنكوحات والمطعومات ثم يتبع استكثار المال والجاه أنواع الرعونات وضروب المنافسات والمحاسدات ثم يتولد بينهما آفة الرياء وغائلة التفاخر والتكاثر والكبرياء ثم يتداعى ذلك إلى الحقد والحسد والعداوة والبغضاء ثم يفضي ذلك بصاحبه إلى اقتحام البغي والمنكر والفحشاء وكل ذلك ثمرة إهمال المعدة وما يتولد منها من بطر الشبع والامتلاء ولو ذلل العبد نفسه بالجوع وضيق به مجاري الشيطان لأذعنت لطاعة الله عز وجل ولم تسلك سبيل البطر والطغيان ولم ينجر به ذلك إلى الانهماك في الدنيا وإيثار العاجلة على العقبى ولم يتكالب كل هذا التكالب على الدنيا "
ا. هـ الغزالي (الإحياء3/ 80)
* منافع الجوع:
"وأما منافعه بالنسبة إلى القلب وصلاحه فإن قلة الغذاء توجب رقة القلب وقوة الفهم وانكسار النفس وضعف الهوى والغضب وكثرة الغذاء يوجب ضد ذلك.
قال الحسن: يا ابن آدم كل في ثلث بطنك واشرب في ثلثه ودع ثلث بطنك يتنفس ويتفكر.
وقال المروزي: جعل أبو عبد الله يعني الإمام أحمد يعظم من الجوع والفقر فقلت له يؤجر الرجل في ترك الشهوات. فقال: وكيف لا يؤجر وابن عمر يقول ما شبعت منذ ثلاثة أشهر.
قلت لأبي عبد الله: يجد الرجل من قلبه رقة وهو شبع؟ قال: ما أرى." (جامع العلوم ص791)
ومن منافع الجوع:
" 1 _ صفاء القلب وإيقاد القريحة وإنفاذ البصيرة فإن الشبع يورث البلادة ويعمي القلب ويكثر البخار في الدماغ شبه السكر حتى يحتوي على معادن الفكر فيثقل القلب بسببه عن الجريان في الأفكار وعن سرعة الإدراك بل الصبي إذا أكثر الأكل بطل حفظه وفسد ذهنه وصار بطيء الفهم والإدراك ...
2_ الانكسار والذل وزوال البطر والفرح والأشر الذي هو مبدأ الطغيان والغفلة عن الله تعالى فلا تنكسر النفس ولا تذل بشيء كما تذل بالجوع فعنده تسكن لربها وتخشع له وتقف على عجزها وذلها إذا ضعفت منتها وضاقت حيلتها بلقيمة طعام فاتتها وأظلمت عليها الدنيا لشربة ماء تأخرت عنها وما لم يشاهد الإنسان ذل نفسه وعجزه لا يرى عزة مولاه ولا قهره.
3 _ أن لا ينسى بلاء الله وعذابه ولا ينسى أهل البلاء فإن الشبعان ينسى الجائع وينسى الجوع والعبد الفطن لا يشاهد بلاء من غيره إلا ويتذكر بلاء الآخرة فيذكر من عطشه عطش الخلق في عرصات القيامة ومن جوعه جوع أهل النار.
4 _ وهي من أكبر الفوائد كسر شهوات المعاصي كلها والاستيلاء على النفس الأمارة بالسوء فإن منشأ المعاصي كلها الشهوات والقوى، ومادة القوى والشهوات لا محالة الأطعمة، فتقليلها يضعف كل شهوة وقوة وإنما السعادة كلها في أن يملك الرجل نفسه، والشقاوة في أن تملكه نفسه.
5 _ دفع النوم ودوام السهر فإن من شبع شرب كثيرا ومن كثر شربه كثر نومه ولأجل ذلك كان بعض الشيوخ يقول عند حضور الطعام ... لا تأكلوا كثيرا فتشربوا كثيرا فترقدوا كثيرا فتخسروا كثيرا ... وفي كثرة النوم ضياع العمر وفوت التهجد وبلادة الطبع وقساوة القلب.
¥