تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أَمْرِهِ فَيَصِحُّ أَمَانُهُ كَالْحُرِّ وَبَيَانُ الْأَهْلِيَّةِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْجِهَادِ إعْزَازُ الدِّينِ وَدَفْعُ فِتْنَةِ الْكُفْرِ فَكُلُّ مُسْلِمٍ يَكُونُ أَهْلًا لَهُ ثُمَّ الْجِهَادُ يَكُونُ بِالنَّفْسِ تَارَةً وَبِالْمَالِ أُخْرَى فَالْعَبْدُ لَا مَالَ لَهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْجِهَادِ بِالنَّفْسِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْمَوْلَى عَنْ مَنَافِعِهِ وَتَعْرِيضُ مَالِيَّتِهِ لِلْهَلَاكِ فَأَمَّا الْأَمَانُ جِهَادٌ بِالْقَوْلِ وَلَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْمَوْلَى عَنْ شَيْءٍ فَكَانَ الْعَبْدُ فِيهِ كَالْحُرِّ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ صِحَّةُ أَمَانِهِ إذَا كَانَ مَأْذُونًا فِي الْقَتْلِ وَتَأْثِيرُ الْإِذْنِ فِي رَفْعِ الْمَانِعِ لَا فِي إثْبَاتِ الْأَهْلِيَّةِ لِمَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ.

أَلَا تَرَى أَنَّ بِالْإِذْنِ لَا يَصِيرُ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ وَنُزُولُ الْمَانِعِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ لِوُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ ثُمَّ الْأَمَانُ تَرْكُ الْقِتَالِ وَلَا يُسْتَفَادُ بِالْإِذْنِ فِي الْقِتَالِ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ وَبَعْدَ الْإِذْنِ هُوَ فِي الْأَمَانِ لَيْسَ بِنَائِبٍ عَنْ الْمَوْلَى بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ دِينُهُ لَا دِينَ الْمَوْلَى فَعَرَفْنَا أَنَّهُ كَانَ أَهْلًا لِكَوْنِهِ مُسْلِمًا وَلِأَنَّ الْأَمَانَ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ وَقَوْلُهُ فِي أَصْلِ الدِّينِ مُعْتَبَرٌ مُلْزِمٌ فَكَذَلِكَ فِي فُرُوعِهِ وَلِهَذَا صَحَّ إحْرَامُهُ وَصَحَّ مِنْهُ عَقْدُ الذِّمَّةِ مَعَ قَوْمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَالذِّمَّةُ أَقْوَى مِنْ الْأَمَانِ فَيُسْتَدَلُّ بِصِحَّةِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ عَلَى صِحَّةِ الْأَدْنَى بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

(وَحُجَّتُنَا) قَوْله تَعَالَى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} وَالْأَمَانُ شَيْءٌ وَهَذَا عَامٌّ لَا يَجُوزُ دَعْوَى التَّخْصِيصِ فِيهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ هَذَا الْمَثَلَ لِلْأَصْنَامِ وَاحِدُهَا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْجِهَادِ فَلَا يَصِحُّ أَمَانُهُ بِنَفْسِهِ كَالذِّمِّيِّ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَبَيَانُ الْوَصْفِ أَنَّ الْجِهَادَ يَكُونُ بِالنَّفْسِ أَوْ بِالْمَالِ وَنَفْسُهُ مَمْلُوكَةٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ مِلْكِ الْمَالِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ وَتَأْثِيرُهُ أَنَّ صِحَّةَ الْأَمَان مِنْ الْوَاحِدِ بِاعْتِبَارِ مَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَرُبَّمَا يَكُونُ الْأَمَانُ خَيْرًا لَهُمْ لِحِفْظِ قُوَّةِ أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّ الْقِتَالَ حِفْظُ قُوَّةِ النَّفْسِ أَوَّلًا ثُمَّ الْعُلُوُّ وَالْغَلَبَةُ وَلَكِنَّ الْخِيرَةَ فِي الْأَمَانِ مَسْتُورَةٌ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا مَنْ يَكُونُ مُجَاهِدًا فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ لَا يَمْلِكُ الْقِتَالَ لَا يَعْرِفُ الْخِيرَةَ فِي الْأَمَانِ فَلَا يَكُونُ أَمَانُهُ جِهَادًا بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ فِي الْقِتَالِ فَإِنَّهُ لَمَّا تَمَكَّنَ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْقِتَالِ عَرَفَ الْخِيرَةَ فِي الْأَمَانِ فَحَكَمْنَا بِصِحَّةِ أَمَانِهِ وَلِهَذَا لَا يَحْكُمُ بِصِحَّةِ أَمَانِ الْأَسِيرِ لِأَنَّ الْخِيرَةَ فِي الْأَمَانِ مَسْتُورَةٌ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا مَنْ يَكُونُ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ وَالْأَسِيرُ خَائِفٌ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فِي الْمُقَيَّدِ بِالْأَسْرِ فَفِي الْمُقَيَّدِ بِالرِّقِّ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَسِيرَ مَالِكٌ لِلْقِتَالِ وَإِنَّمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ حِسًّا وَالْعَبْدُ غَيْرُ مَالِكٍ لِلْقِتَالِ أَصْلًا وَلِأَنَّ عَقْدَ الْعَبْدِ عَلَى الْغَيْرِ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُمْ لَا يَخَافُونَهُ حِينَ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلْقِتَالِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْقِتَالِ فَإِنَّهُمْ يَخَافُونَهُ فَإِنَّمَا يَعْقِدُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: الْعَبْدُ يُؤَمِّنُ نَفْسَهُ وَهُوَ يَخَافُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ: أَمِنْتُكُمْ وَلَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير