تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يَقُولُ: أَمِنْت نَفْسِي وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ أَمَانًا وَلِأَنَّهُ نَوْعُ وِلَايَةٍ حَيْثُ إنَّهُ يَتَقَيَّدُ الْقَوْلُ عَلَى الْغَيْرِ بِشَرْطِ التَّكْلِيفِ فَيَكُونُ نَظِيرَ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ النِّكَاحَ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ مَوْلَاهُ فِيهِ فَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُ الْأَمَانَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا فِي الْقِتَالِ لِأَنَّ الْأَمَانَ تَرْكُ الْقِتَالِ ضَرُورَةً وَلَكِنَّهُ مِنْ الْقِتَالِ مَعْنَى فَيَمْلِكُهُ مَنْ يَكُونُ مَالِكًا لِلْقِتَالِ وَالْآثَارُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَأْذُونِ فِي الْقِتَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ} فَأَمَّا عَقْدُ الذِّمَّةِ فَنَقُولُ: إنَّهُ يَتَمَحَّضُ مَنْفَعَةً لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الْكُفَّارَ إذَا طَلَبُوا ذَلِكَ افْتَرَضَ عَلَى الْإِمَامِ إجَابَتُهُمْ إلَيْهِ فَلَوْ اعْتَبَرَ مَا سَبَقَ مِنْ الْعَبْدِ احْتَسَبَ عَلَيْهِمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ لِأَخْذِ الْجِزْيَةِ وَلَوْ لَمْ يَعْتَبِرْ كَانَ ابْتِدَاءَ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَالِ فَلِكَوْنِهِ مَحْضَ مَنْفَعَةٍ حَكَمْنَا بِصِحَّتِهِ مِنْ الْعَبْدِ كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَأَمَّا الْأَمَانُ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْمَضَرَّةِ وَالْمَنْفَعَةِ وَلِهَذَا لَا يُفْتَرَضُ إجَابَةُ الْكُفَّارِ إلَيْهِ وَفِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ فِي الِاسْتِغْنَامِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَالتَّصَرُّفُ الَّذِي فِيهِ تَوَهُّمُ الضَّرَرِ فِي حَقِّ الْمَوْلَى خَاصَّةً كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ بِنَفْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْمَوْلَى فَالتَّصَرُّفُ الَّذِي فِيهِ إلْحَاقُ الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِينَ أَوْلَى.انتهى

و في أمان الصبي قال السرخسي في (المبسوط)

فَأَمَّا الصَّبِيُّ إذَا كَانَ لَا يَعْقِلُ فَلَا إشْكَالَ أَنَّ أَمَانَهُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَمَانُهُ بَاطِلٌ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيمَانُهُ وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ بِصِحَّةِ أَمَانِهِ كَمَا يَقُولُ بِصِحَّةِ إيمَانِهِ فَإِنْ كَانَ هَذَا الصَّبِيُّ مَأْذُونًا فِي الْقِتَالِ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ أَيْضًا لِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِيمَا يَضُرُّ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَفِيمَا يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ أَوْلَى وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَمَانُهُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقِتَالِ لِأَنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْمَضَرَّةِ وَالْمَنْفَعَةِ فَهُوَ نَظِيرُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَمْلِكُهُ الصَّبِيُّ بَعْدَ الْإِذْنِ.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير