[قتل الحيوان و موقف الشرع منه * تفصيل *]
ـ[سمير زمال]ــــــــ[05 - 05 - 09, 10:02 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
- عن شداد بن أوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تبارك وتعالى كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " (رواه مسلم).
- وعن أبي هريرة، في قصة الكلب الذي سقي قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرا؟ قال: «في كل ذات كبد رطبة أجر» (متفق عليه).
- وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي اطعمتها ولا سقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض".
والآثار في هذا المعنى كثيرة مستفيضة.
فإذا تبيّن هذا فاعلم أنّ قتل الحيوان, ينقسم من حيث الحكم إلى قسمين:
الأول: قتل الحيوان خطأ.
وهو أن يفعل ما له فعله، مثل أن يرمي صيداً أو غرضاً فيقتل به
- فإنه لا إثم على من فعل ذلك, لعموم النصوص التي رفعت إثم الخطأ عن هذه الأمة, ومنها قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه أحمد وابن ماجه.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ قول الله تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا. قال: قال الله: قد فعلت.
- أما من حيث الحكم الوضعي, فإنّ قاتل الحيوان خطأ له حالتان:
أ- إما أن يكون هذا الحيوان مملوكاً لشخص, في هذه الحال يستوجب دفع قيمة الحيوان إلى صاحبه.
اللهم إلا الحيوانات التي نهي عن بيعها, كالكلب, والسنور (أي: القط) وغيرهما.
ب- أما إذا كان الحيوان سائماً غير مملوك, فلا ضمان فيه.
الثاني: قتل الحيوان عمداً.
وهو أن يقصد قتله, بما يقتل عادة بمثله.
أما من حيث الضمان, فالقول فيه كالقول في ضمان قتل الحيوان خطأ
أما من حيث حكمه التكليفي , فإنه ينقسم إلى أقسام:
الأول: ما يجوز قتله مما لا يؤكل.
وهو كل حيوان مؤذ بطبعه, حتى ولو لم يؤذ, إذ القاعدة: "أن ما كان مؤذيا طبعاً فإنه يُقتل شرعا".
أي: ما كان من طبعه الأذى، ولو كان ذلك في الحرم.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "خمسٌ من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور" (متفق عليه).
وفي روايات أخرى ذكرت الحيّة, وغيرها مما يؤذي بطبعه, كالبعوض وغيره.
ويدخل في ذلك ما أمر الشرع بقتله, أمر ندب:
كالكلب الأسود, والوزغ.
الثاني: ما يجوز قتله مما يؤكل.
وهي ما أحل لنا من بهيمة الأنعام, ومن البقر والإبل والغنم, وغيرها, وكذا الطيور, وغيرها مما يجوز أكله شرعاً.
ولكن تذكّى ذكاة شرعية, مع الإحسان في ذبحها كما تقدم في الحديث.
الثالث: ما لا يجوز قتله.
وهي ما خلا من الأوصاف المتقدمة, مما لا يؤذي طبعاً, ولا يؤكل شرعاً.
ومنه الأصناف المذكورة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهى عن قتل أربع من الدوابّ: النملة والنحلة والهدهد والصرد" (رواه أبو داود وصححه الألباني).
ولكن إذا عدت هذه الأصناف ولم يمكن صدها إلا بقتلها فإنها تقتل.
أما إن أمكن صد عدوانها بحبسها أو توثيقها أو غير ذلك فلا يجوز قتلها.
فعن عبد الله بن عمرو, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من إنسان قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها, إلا سأله الله عز وجل عنها, قيل يا رسول الله: وما حقها؟ قال: يذبحها فيأكلها, ولا يقطع رأسها يرمي بها" رواه النسائي والحاكم وصححه.
قال العلماء: وهذا عام في كل حيوان لا يؤذي.
"ونهى رسول الله صلى الله عليهِ وسلم أن يجعل ذو الروح غرضاً" (رواه مسلم).
وقد مرّ ابن عمر رضي الله عنهما بفتيان من قريش فد نصبوا طيراً، وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا, إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا" (متفق عليه).
سؤال والجواب عليه
بسم الله الرحمان الرحيم
¥