تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كذبهم بقوله: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (المائدة:117) والله يشهد، وأولوا العلم يشهدون أن مالكا بريء من كل نابذ لسنة عملية وقولية بدعوى المتمذهبين بمذهب مالك «(2/ 123).

ثالثا: السلوك وبدعة الطرقية

وأمّا براءة الشيخ من مذاهب المتصوّفة فأشهر من نار على عَلَمٍ، ويكفي للدّلالة على ذلك مقالاته العلميّة الّتي فضحهم فيها كمقالة "بدعة الطّرائق في الإسلام" الذي ناقش فيه بدعة تحديد الأذكار والبيعة الصّوفية (العهد) وبدعة التصدّي للدّعوات، ومنها مقال «من غشّنا فليس منّا أيّها الطرقيّون!» الذي كشف لنا فيه عن تآمر الطرقيّة مع الاستعمار (1/ 210 - 212).

ومن كلامه المندرج في هذا الباب قوله رحمه الله تعالى: «ألا أنّ أعدى المسلمين للإسلام أولئك النّفر الّذين يظنّون من قِبَل أنفسهم أنّهم أولياء الرّحمن وأحبّاؤه، و ملئوا أنفسهم ومن يتبعهم بأمانيّ هي ضلال وما أرادوا بها صوابا. فاستباحوا من الله المحارم، وتعدّوا له الحدود وأعرضوا عمّا فيه من الهدى، فاغترّ بهم الجُهَّال وانقاد لهم الأغرار، ودخلوا على النّاس في عقائدهم ولبّسوا عليهم أمر دينهم، وزهّدوا الأمّة الإسلامية في علمائها الّذين أمر الله أن يردّ إليهم الأمر» (1/ 65 - 66).

وقال أيضا: «هاأنتم استطعتم أن تفتِنوا الأمّة في دينها وتحيدوا بها عن أولياء الدّين الّذي جعلتم أهله شيعا وأضرابا، كلٌّ يصف غيره بأنّه السّالك بنيّات الطّريق، والله يؤاخي بينهم ويأمرهم بولاية بعضهم بعضا، ورسول الله يحثّنا على رصّ الصّفوف وجمع الكلمة حثّا، فهل تستطيعون يوم يذاد من بَدَّل وغَيَّر عن الحوض أن تغنوا عنهم من عذاب الله شيئا؟ فهل هؤلاء الطّرقيّون أهدى من أولئك القوم الذين أنعم الله عليهم؟؟؟ أم أرادوا أن يعيدوا تاريخ الكنيسة في الإسلام، ويزعموا الزعامة الدّينية، ويتولّوا وظيفة التشريع والهدى» (1/ 6.

رابعا: منهاجه في الإصلاح وموقفه من العمل السياسي

وأمّا قضيّة المنهاج فهي أيضا واضحة في كلامه ومسيرته الدّعوية، وقد صرّح الشّيخ التبسّي أنّ سبيل السّياسة سبيل فاشل، وأنّ دواء الأمّة هو الرّجوع إلى الكتاب والسنّة على فهم السّلف الصّالح، قال رحمه الله تعالى:

«وها هي السّياسة قد خابت وخاب السياسيّون، وخابت الآمال على تلك السياسة، وخِبنا فيما نرجوه لإصلاح حالتنا…و ها نحن قد التمسنا مجموعة من الأدوية وجماعات من الأطباء فلم نشف من أمراضنا، ولم

نبرأ من أسقامنا، ولم تعد إلينا صحّتنا، فهل من دواء لأمراضنا؟ …

نعم الدّواء لأمراضنا والتّرياق المجرّب لأمراضنا واحد لا ثاني له، وما ذلك الدّواء إلاّ عودتنا تائبين إلى العمل بشريعتنا الإسلاميّة المعصومة الكفيلة بإسعاد هذا الفرد الشقيّ وإصلاحه من جميع نواحيه، ومداواته من كلّ أمراضه، كما داوته يوم فسد قبل الآن بأربعة عشر قرنا.

واسألوا التّاريخ أيّها المرتابون عن ذلك إن كنتم في ريب من هذه الحقيقة؛ الشّريعة الإسلامية المحصورة في كتاب الله وسنّة رسوله وفهوم السّلف الصّالح لهما دواء للإنسانية في فردها وجماعتها» (2/ 69) ومع هذا فقد نقل المؤرّخون عن الشّيخ أنّ من صفته الترفّع عن الردّ على السّياسيّين وعن المهاترات، ذلك أنّه كان مخالفا لهم في الأصل (المنهج) فلم يكن يرى نفعا في مناقشتهم في الدّقائق والجزئيات [انظر مذكرات شاهد القرن لمالك بن نبي (1/ 329) مذكرات محمد خير الدين (1/ 302)].

ومن كلامه المندرج في هذا الباب الموضّح لخطّته الإصلاحيّة قوله رحمه الله: «لست أعرف ابتداءه تاريخياّ (يعني الانحطاط) ولكنّي أستطيع أن أحدّده بظهور آثار التغير في هذه الأمّة، وأزعم أنّه يبتدئ من يوم أضاع النّاس السنّة المحمّدية، وركنوا إلى بدع الرّجال الّتي صرفتهم عن التّربية المحمّدية والأخلاق الإسلامية، وظهر في الشّعب رؤساء ينسبون إلى الدّين، فكان وجودهم سببا في انقسام في الوحدة، واختلاف في الكلمة، وذيوع الأهواء، وتُحيِّز جماعات الأمّة إلى نزاعات تفت عضد الوحدة المقصودة للدّين، حتى أصبح الحبّ والبغض ليسا في الله كما هي القاعدة الدّينية، واتّخذ النّاس رؤساء جهّالا بدعيين يعدّونهم من أولياء الله وخواصّ عباده المقرّبين عنده، ففُتِنت بهم جهلة الأمّة وأشباه الجهلة، فنصروهم على عماية واتبعوهم على غواية وصار الدين ألعوبة في يد هؤلاء الرؤساء وأتباعهم» (2/ 34).

فلا إصلاح في هذا الميدان إذن إلاّ أن نغيّر ما بأنفسنا بأن نرجع إلى ديننا قولا وعملا، وأن نمحو كلّ مظاهر الانحراف عن الدّين الّتي أوجبت لنا الذلّ والصَّغار، والله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم} (الرعد11).

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك

وكتبه أبو عبد الله محمد حاج عيسى الجزائر ( http://tebessa.forume.biz/montada-f10/topic-t2809.htm#8197)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير