أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ يسب المهاجرين لعبد الرحمن بن عوف ويتهمهم بأنهم أهل دنيا مع أنه في ذات المكان يعترف بزهد أصحاب الثروات من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ، ويعترف بأن المال لم يكن مشكلة أبداً عند الأغنياء أو عند الفقراء. ويروي ـ في ذات المكان ـ عن عبد الرحمن بن عوف أحاديثاً في زهده.
أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ يحذر عمر الفاروق من الصحابة.
وفي أكثر من مكان يذكر أن عمر رأى من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ حرصاً سيئاً وخلافاً لا يحسمه رأي واحد عند مماته.
يدعي بأن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ كانوا متنازعين مختلفين. حتى أنهم لا يتفقون.
والصحابة منهم من بايع عليّاً ـ رضي الله عنه ـ على أن يكون شريكاً له، ومنهم من خالفه متعللاً بقلة المشورة، ومنهم من كان يحارب عثمان ثم أصبح يحارب علياً باسم عثمان، تمحلاً لذرائع الخلاف وكراهة لاستقرار الأمور كما يفتري عباس العقاد
ويفتري العقاد بأن الصحابة الذين خرجوا يوم الجمل ـ طلحة والزبير تحديداً ـ خرجوا من أجل (المقاسمة في الأمر على وجه من الوجوه التي أشاروا إليها قبل مفارقتهم المدينة، فيتولى بعضهم العراق وبعضهم اليمن، ويصبح الأمر شركة أو [شورى] بينهم وبين الخليفة).
هذا نص كلامه.!!
ـ وعند العقاد أن طلحة بن عبيد الله ـ رضي الله عنه ـ كان ينافس أبا بكر وعمر ويحقد على عثمان وعاونه على ذلك الزبير بن العوام ـ رضي الله عنه ـ.!!
وفي (عبقرية عمر) و (عبقرية خالد) كرر العقاد مراراً القول بأن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ كانوا يريدون الانقلاب على عمر ولم يستطيعوا.
وجملة يقول هذا الرديئ: (إذا تركنا الحوادث جانباً ونظرنا إلى التاريخ في صدر الإسلام على أنه تاريخ قيم ومبادئ، فلنا أن نقول أننا أمام فواجع مؤلمة. يود الناظر إليها لو يزوي بصره عنها).
بل هو تاريخ مبادئ وقيم لم تشهد البشرية مثله رغم أنفك وأنف من قال بقولك يا عقاد.
ويقول (ولولا حروب الردة لكان الخلاف بين المهاجرين والأنصار خليقاً أن يتشعب ويستفحل، وكان الأنصار فيما بينهم مختلفين شيعتين كبيرتين ثم شيعاً صغاراً في كل من الشيعتين، وكذلك كان المهاجرين من هاشميين وأمويين ومن سائر بطون قريش، فإن بني هاشم على انفرادهم لم يجتمعوا بينهم إلى كلمة، ولم يكن لهم مطمع في الوفاق بينهم وبين بطون قريش الأخرى).
والعقاد يكذب. . . يتكلم من عنده، فما ثم خلافٌ بين المهاجرين والأنصار، ولا بين الأنصار ولا بين المهاجرين فضلاً عن بني هاشم ـ وغيرهم ـ فيما بينهم. أين هذا الاختلاف في بطون الكتب الصحيحة!!
وما حدث بين الصحابة رضوان الله عليهم لم يشهد التاريخ مثله، خلافة تُحل مشكلتها ببضع كلمات (أعني أمر السقيفة) وينتهي الأمر بإجماع ... ببضع كلمات؟!
وقوم يهاجرون إلى قومٍ فقراء بين أعدائهم بل بين أخبث خلق الله .. يهود ومشركين ولا يحدث أي شيء من الشقاق؟!!
في السيرة حادثين للخلاف أحدهم بين المهاجرين والأنصار، وكان بفعل المنافقين، أعني ما حال العودة من بني المصطل، والثاني بين الأنصار (الأوس والخزرج) وكان بفعل اليهو، وكلا الحادثين انتهى في دقائق ببضع كلمات.
أفي هذا أمارة على الشقاق أم أمارة على أن الدين غالب على النفوس يوجهها؟!
يا عبَّاس!
الصحابة كرام .. أكرم الناس جملة وتفصيلاً .. وربي يكذبك فيما تفتريه على أوليائه، قال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} الفتح29.
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا} الحشر9.
وقال تعالى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} الأنفال63
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} آل عمران103
¥