تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المستشرقون ودور حمّالة الحطب!

ـ[فيصل الصاعدي]ــــــــ[13 - 05 - 09, 04:16 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

المستشرقون ودور حمّالة الحطب!

د. عبد المعطي الدالاتي

((ودَّ كثيرٌ من أهل الكتاب لو يَردّونكمْ من بعدِ إيمانكم ُكفّاراً

حسداً من عندِ أنفسِهم مِن بعد ما تبيّن لهمُ الحقُّ))

((سورة البقرة:109))

"مهمّتكم أن تُخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي فلا صلة تربطه بالأخلاق، وبذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الاستعمار ..

استمروا في أداء رسالتكم فقد أصبحتم بفضل جهادكم المبارك موضع بركات الرب!! " (1).

هذه باختصار مهمة المستشرقين كما أرادها لهم المبشّر الصهيوني صموئيل زويمر، فهل كل المستشرقين كانوا على هذه الدرجة من الانحطاط؟!

بالطبع لا، فالمستشرقون أصناف:

أولاً - المستشرقون المنصفون

هم الذين أنصفوا أنفسهم أولاً قبل أن ينصفوا الحقيقة، لم يكلفوا أنفسهم سوى أن يكونوا موضوعيين في تفكيرهم وفي أحكامهم، فقادهم التفكير المنصف إلى أعتاب الإسلام، فاعتنقوه عقيدة وسلوكاً ومنهجاً، ويأتي في مقدمة هؤلاء: ليوبولد فايس، ومراد هوفمان، وأحمد فون دنفر، ومحمد صدّيق، ورينيه جينو، والعلامةعبد الكريم جرمانوس ..

ثانياً – المستشرقون الأقرب للإنصاف

وقد استطاعوا أن يتخلصوا إلى حدٍ بعيد من رواسب التعصب الغربي، فآمنوا بالإسلام حُلُماً ودراسة أكاديمية دون أن يعتنقوه عقيدة، وكما يقول د. محمد إقبال: "ليس كل من درس علم النخيل تمتع بالرطب"! فهم قد تعاملوا مع الإسلام ببرود عاطفي، فلم تكن لهم العزيمة الصادقة التي ترى الحق فتندفع إليه .. وشتان بين الإعجاب المجرد، وبين الإيمان ..

فهم قد أبصروا جنة الإسلام وتقدموا إليها خطوات، ولكنهم – يا أسفاً – لم يجاوزوا السياج.

ومن هؤلاء المستشرقين نذكر: المستشرقة الألمانية زيغرد هونكه صاحبة كتاب (شمس الله تسطع على الغرب)، ومنهم شاعر الألمان (غوته) (2) الذي دعي القرن التاسع عشر باسمه (قرن غوته)، ومن هؤلاء المستشرق توماس أرنولد صاحب كتاب (الدعوة إلى الإسلام) الذي يعتبر من أوثق المراجع في تاريخ التسامح الديني،، ومن المعاصرين (مارسيل بوازار) والمستشرقة الألمانية (آنا ماريا شمل).

ثالثاً – المستشرقون المترددون بين الإنصاف والإجحاف

تقرأ لهؤلاء الكلام الحسن فتحمد لهم الإنصاف والعقل، ثم فجأة يطل (بطرس الناسك) برأسه من بين سطورهم!!

ومن هؤلاء غوستاف لوبون والمؤرخ مونتغمري وات. وبعض هؤلاء كان مشوش الرؤية في بدء حياته الاستشراقية ثم تراجع عن آرائه الخاطئة، من مثل برناردشو وإرنست رينان الذي طعن كثيراً بالإسلام ثم صحا ضميره وعقله في أُخرياته ليقول في إحدى تداعياته: "الإسلام دين الإنسان .. وكلما دخلت مسجداً هزني الخشوع وشعرت بالحسرة لأني لست مسلماً" (3).

ويدخل في هذه الفئة الفيلسوف (فولتير) الذي أعلن توبته عما اقترف بحق الإسلام، والغريب أن الأضواء لا تسلط إلا على أقواله الأولى، أما أقواله الأخيرة فقد طُمست! وها هو يعترف بأنه كان ضحية الأفكار السائدة الخاطئة: "قد هدم محمد الضلال السائد في العالم لبلوغ الحقيقة، ولكن يبدو أنه يوجد دائماً من يعملون على استبقاء الباطل وحماية الخطأ! "

ثم يقول في قاموسه الفلسفي (6/ 4): "أيها الأساقفة والرهبان والقسيسون إذا فُرض عليكم قانون يحرم عليكم الطعام والشراب طوال النهار في شهر الصيام .. إذا فرض عليكم الحج في صحراء محرقة .. إذا فُرض عليكم إعطاء 2,5 % من مالكم للفقراء .. إذا حُرِّم عليكم شرب الخمور ولعب الميسر .. إذا كنتم تتمتعون بزوجات تبلغ ثماني عشرة زوجة أحياناً، فجاء من يحذف أربع عشرة من هذا العدد، هل يمكنكم الإدعاء مخلصين بأن هذه الشريعة شريعة لذّات؟! ".

رابعاً – المستشرقون المتعصبون

وهم أكثر المستشرقين، وقد أبت أحقادهم الآبائية إلا أن تطفو على كتبهم التي كتبوها بأقلام شاخت في الضلا ل و الكذب والافتراء واللاموضوعية.

يقول أليكسي جورافيسكي: "إن الأغلبية المطلقة من المستشرقين لم يتخلصوا من المواقف المعادية للإسلام" (4).

وقد لعبوا بأكاذيبهم ومكرهم دور" حمّالة الحطب " في صد الغربيين عن دين الإسلام، وذلك على امتداد المكان والزمان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير