فلا يعرف العقل حدّاً لتعصبهم على الشرق والعرب والإسلام، ولا يعرف المنطق مدى لماقام ولما يقوم به هؤلاء من تحريف وتشويه لثقافة الإسلام وتاريخه.
وقد ركز هؤلاء السفهاء على النيل من قدسية الرسول محمد عليه الصلاة والسلام خاصة، إذ أن التشويه الكاذب لصورة إنسان، أسهل بكثير من محاولة نقض مبادئه وأفكاره، يقول العقاد رحمه الله: "إن تصوير إنسان مقدس بالصورة التي تنزع عنه القداسة أيسر جداً من عناء الدراسة في نقض العقائد وإدحاض الأفكار .. إنها مهارة رخيصة تنجح بقليل من الجهد، إذ تعتمد على سهولة الإصغاء إليها في طبائع الجهلاء والأغرار، ولكن خبراً صادقاً عن الرسول عليه الصلاة والسلام قد ينكشف للإنسان الغربي فيهدم مئات الأخبار الكاذبة التي لفقها المبشرون" (5).
نعم قد ينجح هذا الأسلوب الرخيص لزمن، ولكن لن يطول انتظار سكان الأكواخ لاكتشاف قصر الإسلام وراء الأكَمَة التي صنعها كذب المستشرقين.
وقد فضح كثير من المفكرين ألاعيب هذه الفئة، يقول توماس كارليل: "إن أقوال أولئك السفهاء من المستشرقين في محمد، إنما هي نتائج جيل كفر، وعصر جحود وإلحاد، وهي دليل على خبث القلوب وفساد الضمائر، وموت الأرواح" (6) ..
وتقوم بيانكا سكارسيا بتحليل عميق لهذه الفئة فتقول: "عمل الاستشراق لصالح الاستعمار بدلاً من إجراء التقارب بين الثقافتين. إن إنشاء هذا العلم لم يكن إلا من أجل تقديم أدوات للاختراق أكثر براعة، فهناك فعلاً عملية ثقافية مستترة ماكرة ومرائية، وهذا ما يفسر ريبة المسلمين حيال كل ما يقال عنهم في الغرب" (7)، ويقول برناردشو متأسفاً: "مضت على الغرب القرون وهو يقرأ كتباً ملأى بالأكاذيب على الإسلام".
وسائل هذه الفئة
تنطلق هذه الزمرة من المبدأ الذي يقول: اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدّقك الناس! وإذا كان الكذب شعاراً فكل شيء متوقع بعد ذلك ..
وهؤلاء المستشرقون يصطنعون في بحوثهم سمت العلم والموضوعية والبراهين، وهذا أخطر ما فيهم ومن خطورتهم التلطف في دس السموم مع التدرج، وذلك بعد منافقة القارئ بكلمات معسولة كي يَركَن إليهم.
على وجه ميٍّ مِسحةٌ من ملاحةٍ ... وتحت الجمال الشرُّ، لو كان باديا
وهو بادٍ لكل قارئٍ حصيف.
ومن وسائلهم اللعب بالتاريخ، فيصححون الأخبار الكاذبة، ويطمسون الأخبار الصحيحة، ويضخمون الأخطاء الصغرى، وما أسهل تغيير مجرى التاريخ على قلم المؤرخ الكذوب! فقد جعل هؤلاء المتعصبون من التاريخ هواية يتم من خلالها التنفيس عن الأهواء والأحقاد الإيديولوجية.
ومن وسائلهم وضع الفكرة مقدَّماً ثم البحث عن أدلة تُعزّزها مهما كانت واهية على أسلوب (محاكم التفتيش) حيث كانت توضع التهمة أولاً ثم تثبت بالشهود الذين ينوب عنهم التعذيب! وليس هذا الأسلوب غريباً عمن يكون شعاره: "اعتقد أولاً ثم افهم ما اعتقدت! " يقول ليوبولد فايس: "إن أبرز المستشرقين جعلوا من أنفسهم فريسة التحزب غير العلمي في كتاباتهم عن الإسلام! وإن طريقة الاستقراء والاستنتاج التي يتبعها أكثر المستشرقين تذكرنا بوقائع (دواوين التفتيش) (8) ".
ومن وسائل هذه الفئة التعالم رغم الجهل الذي يقع فيه كبارهم، فأحد المستشرقين على سبيل المثال، فسر الآية الكريمة: "وترى الملائكة حافّين من حول العرش" بقوله "أي بدون أحذية! " (9)، وليس هذا غريباً فكثير من المستشرقين لا يفهمون أدب لغتهم فضلاً عن الأدب العربي. ويأبى هؤلاء رغم جهلهم بثقافة الإسلام إلا أن يستخدموا الإرهاب الفكري لإضعاف ثقة القارئ بنفسه كي يَسهُلَ قِياده.
أشهر المستشرقين المتعصبين
1 – هاملتون جب: إنجليزي مؤلف (الاتجاهات الحديثة في الإسلام).
2 – جولد تسيهر: يهودي مجري، كرس حياته للطعن في الإسلام ونبيه، وممن تتلمذ عليه د. طه حسين!!.
3 – مرجليوث: يهودي إنجليزي، وممن تتلمذ عليه د. طه حسين!.
4 – زويمر: مبشر يهودي تظاهر بالمسيحية، اشتهر بحقده على الإسلام.
5 – دوركايم: يهودي. وممن تتلمذ عليه د. طه حسين!.
6 – لويس ماسينون: مستشار وزارة المستعمرات الفرنسية، تخصص في التصوف الأعجمي لبعض الزنادقة كالمرتد الحلاج!
7 – نيكلسون: إنجليزي، تخصص في التصوف.
ومن هؤلاء المتعصبين: آربري، فينسنك، دوزي، أرفنج، درمنغهم، لودفيج.
¥